أن يكون من ضروريات العقل وفطرياته لا من ضرورياته ، وكذا القدح في دعوى سيرة المتدينين.
وأمّا الآيات ، فلعدم دلالة آية النفر (١) والسؤال (٢) على جوازه ، لقوة احتمال أن يكون الإرجاع لتحصيل العلم لا للأخذ تعبدا ، مع أن المسئول في آية السؤال هم أهل الكتاب كما هو ظاهرها ، أو أهل بيت العصمة الأطهار كما فسر به في الأخبار (٣).
______________________________________________________
مطلقا أي ولو كان له حظّ من العلم ما لم يكن له ملكة الاجتهاد ، فإنّ استناد العاميّ في جوازه إلى التقليد يستلزم الدور أو التسلسل ، فإنّ تقليده في مسألة جواز التقليد يتوقّف أيضا على إحرازه جواز التقليد فيها.
وأمّا جواز رجوع العاميّ إلى المجتهد بنظر المجتهد فقد ذكر الماتن قدسسره أنّ العمدة في جوازه بنظر الفقيه هو الحكم الفطريّ أيضا ؛ لأنّ ما عداه من الوجوه القائمة عند المجتهد التي ذكروها غير تامّة ، كالاستدلال على جوازه بالإجماع ، فإنّ الإجماع مدركيّ لاحتمال أن يكون المدرك لاتفاقهم هو كون الرجوع أمرا فطريّا ارتكازيّا ، وهذا حال الإجماع المحصّل ، فكيف بالمنقول؟ وإن قيل باعتبار المنقول في غير مثل المقام ، وممّا ذكر يظهر الحال في دعوى كون جواز التقليد على العاميّ من ضروريات الدين ؛ لأنّ احتمال كونه من ضروريّات العقل وفطريّاته أولى من تلك الدعوى ، وأيضا يظهر الحال في دعوى سيرة المتديّنين ، فإنّ سيرتهم ليست ناشئة من مستند شرعيّ غير ما ذكر من كون الجواز أمرا فطريّا ، وما استند في جوازه من بعض الآيات من الكتاب المجيد غير تامّ ، فإنّ آية النفر لا دلالة لها على جوازه وأخذ قول
__________________
(١) التوبة : ١٢٣.
(٢) النحل : ٤٣.
(٣) الكافي ١ : ١٦٣ ، الباب ٢٠.