المفيدة للظن ولو نوعا ـ اجتهادا أيضا.
ومنه قد انقدح أنه لا وجه لتأبي الأخباري عن الاجتهاد بهذا المعنى ، فإنه لا محيص عنه كما لا يخفى ، غاية الأمر له أن ينازع في حجية بعض ما يقول
______________________________________________________
الوقائع التي يبتلى بها أو يحتمل الابتلاء بها لا يجوز له التقليد ، بل يتعيّن عليه الاجتهاد أو الاحتياط ، فإنّ هذه المسألة لم تكن معنونة في كلمات جلّ الأصحاب حتى يعلم الاتفاق على عدم الجواز ، مع كون مقتضى جملة من الروايات الجواز كما ذكرنا ، وإذا جاز رجوع صاحب ملكة الاجتهاد إلى من استفرغ وسعه في تحصيل العلم بالأحكام الشرعيّة في الوقائع التي يبتلى بها أو يحتمل الابتلاء فيكون ذلك من العالم بأحكامه وتكاليفه ، فلا يعمّه ما دلّ على وجوب التعلّم والفحص وعدم كون ترك العمل بها مع ترك التعلّم عذرا.
روى الشيخ في أماليه قال حدثنا محمد بن محمد يعني المفيد قدسسره قال أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد عن محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري عن أبيه عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن زياد قال : «سمعت جعفر بن محمد عليهالسلام يقول وقد سئل عن قول الله تعالى : (فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ) فقال : إنّ الله تعالى يقول للعبد يوم القيامة أكنت عالما؟ فإن قال : نعم ، قال له : أفلا عملت بما علمت ، وإن قال كنت جاهلا قال له : أفلا تعلّمت حتّى تعمل ، فيخصمه وذلك الحجّة البالغة» (١) ولا ضعف في السند ، ولا يضرّ عدم إخراجها في الكتب الأربعة ، ومدلولها عدم معذوريّة المكلف في ترك العمل بالوظائف في الوقائع مع التمكّن من تحصيل العلم بها.
وعلى الجملة الأخبار المشار إليها كهذه الرواية ظاهرها كون وجوب التعلّم
__________________
(١) بحار الأنوار ١ : ١٧٧ ، والآية : ١٤٩ من سورة الأنعام.