وإما من جهة دلالة النص أو دعوى الإجماع عليه كذلك ، حسبما تأتي الإشارة إلى ذلك مفصلا.
______________________________________________________
وذكر الشيخ قدسسره (١) أن للاستصحاب في كلمات القوم تعاريف أسدّها أنه إبقاء ما كان ، كما أن هذا أخصرها ، وأزيفها ما قيل من كون حكم أو وصف يقيني الحصول في السابق مشكوك البقاء في اللاحق ، وقال في وجه كونه أسدّها وأخصرها : إن المراد من الإبقاء ليس هو الإبقاء الخارجي بل التعبدي أي الحكم بالبقاء وتوصيف ما ب (كان) مع استفادته من الإبقاء للإشعار بأن الموجب للحكم ببقاء الشيء هو أنه (كان) فيخرج عن التعريف الحكم بالبقاء لثبوت علّته في الزمان الثاني كثبوته في الزمان الأول ، أو لقيام الدليل على ثبوته في الزمان الثاني أو العلم الوجداني بثبوته فيه ، وأما كون الأخير أزيف التعاريف فإنّ كون حكم أو وصف يقيني الحصول في السابق مشكوك البقاء مورد للحكم بالبقاء لا أنه بنفسه استصحاب.
أقول : كون الاستصحاب أمارة أو أصلا مذكور في كلماتهم ولو قيل بأنه من الأمارات يتعين أن يكون الاستصحاب غير الحكم بالبقاء حيث إن الحكم نتيجة اعتبار الاستصحاب لا نفس الاستصحاب حيث إنّ الأمارة ما يكشف عن الواقع ظنا لو كان ظنا نوعيا ، وأيضا مجرد ثبوت الشيء سابقا بنفسه غير موجب للظنّ بالبقاء ولا يكون ظنا بالبقاء بل الممكن دعوى الملازمة الغالبية بين ثبوت الشيء سابقا وبقائه لا حقا ، وهذه الغلبة هي الموجبة للظن بالبقاء في موارد احتماله ، وهذا بخلاف القول بأنه أصل عملي فإنه عليه حكم ظاهري ، وهل الحكم متعلقه بقاء الشيء بنفسه أو بحكمه؟ كما عليه الماتن أو نفس اليقين بالثبوت بأن يعتبر اليقين بالثبوت
__________________
(١) فرائد الاصول ٣ : ٩ ـ ١٠.