وأما لو كان بين ضرر نفسه وضرر غيره ، فالأظهر عدم لزوم تحمله الضرر ، ولو كان ضرر الآخر أكثر ، فإن نفيه يكون للمنّة على الأمة ، ولا منّة على تحمل الضرر ، لدفعه عن الآخر وإن كان أكثر.
نعم لو كان الضرر متوجها إليه ، ليس له دفعه عن نفسه بإيراده على الآخر ، اللهمّ إلّا أن يقال : إن نفي الضرر وإن كان للمنّة ، إلّا أنه بلحاظ نوع الأمة ، واختيار الأقل بلحاظ النوع منّة ، فتأمل.
______________________________________________________
فإنه لا يجب عليه إيراد الضرر على نفسه بدفعه عن الغير ، فإنّ توجيه الضرر إلى الغير لدفعه عن نفسه داخل في عنوان التعدي والإضرار على الغير ، ولا حكومة في الفرض لقاعدتي لا ضرر ولا حرج ، نعم إذا كان دفع الضرر عن نفسه أهم وإيراد الضرر على الغير مهم ، كما إذا توقف حفظ حياته على إتلاف مال الغير تعين دفع الضرر عن نفسه ولو باتلاف مال الغير ، كما إذا توقف حفظ حياة الجالس في السفينة على إلقاء مال الغير الموجود فيها في البحر ، جاز إذا أكره بالقتل إذا لم يدفع إلى المكره (بالكسر) مال الغير ، ولا يبعد الالتزام بعدم الضمان أيضا لو لم يكن الإمساك بمال الغير لتلفه بغرق السفينة ، أو بأخذ المكره لا محالة ، وأما إذا لم يكن الأمر كذلك بأن لم يكن مال الغير تالفا لو لا إتلافه ، فإتلافه وإن كان جائزا إلّا أنه يوجب الضمان ، فإنّ الضمان لا ينافي جواز الفعل تكليفا ، وقاعدة نفي الضرر لا تنفي ضمان الإتلاف ، فإن الضمان من الأحكام المجعولة لعنوان الضرر على الغير بل نفيه خلاف الامتنان ، وقد يقال من هذا القبيل أي من قبيل توجه الضرر إلى الغير ما إذا أكرهه شخص على أخذ مال الغير ودفعه إلى المكره (بالكسر) ، وإلّا يأخذ ذلك المكره (بالكسر) من نفس المكره (بالفتح) بدعوى ما تقدم ، من أنه لا يجب دفع الضرر المتوجه إلى الغير بتحمله ، ولكن لا يخفى ما فيه فإن متعلق الإكراه في الفرض الجامع بين الأمرين ،