مع إمكان أن يقال : ترك ما احتمل وجوبه مما لم يعرف حرمته ، فهو حلال ، تأمل. ومنها قوله صلىاللهعليهوآله : الناس في سعة ما لا يعلمون [١].
______________________________________________________
[١] من الأخبار التي يستدل بها على البراءة في الشبهة الحكميّة ما رواه في المستدرك عن كتاب عوالي اللآلي مرسلا عن النبي صلىاللهعليهوآله قال «الناس في سعة ما لم يعلموا» (١) ووجه الاستدلال دلالة الحديث على كون المكلفين على سعة من تكليف لا يعلمونه بلا فرق بين كونه حرمة فعل أو وجوب فعل فهم مرخصون في ارتكاب الأول وترك الثاني ما لم يعلموا ، غاية الأمر يرفع اليد عن إطلاقها في الشبهات الحكمية بتقييد بجهلهم بعد الفحص وعدم علمهم به ، والحديث ينفي وجوب الاحتياط فإنه لو كان الاحتياط واجبا لما كانوا في سعة أصلا ، وظاهر الماتن قدسسره عدم الفرق في دلالته على ذلك بين كون (ما) موصولة أو مصدرية زمانية ، ولكن الظاهر الفرق بين الموصولة والمصدرية ، وأن الموصول مع صلته ينطبق على الإلزام الواقعي على تقديره ويحكم بأن المكلف على سعة منه فلا يجب عليه رعايته بالاحتياط فيه ، وأما لو كانت (ما) مصدرية لكانت أدلة الاحتياط واردة على الحديث في الإلزام المشتبه الواقعي ، فإن مفاده على المصدرية الزمانية هو كون الناس على سعة زمان عدم علمهم ، ومع إيجاب الاحتياط وقيام الدليل عليه يعلم الوظيفة زمان الجهل فلا سعة.
وبتعبير آخر لو كانت (ما) موصولة فظاهره رجوع ضمير المفعول في صلته إلى نفس الموصول فيكون مفاده الناس في سعة من التكليف الذي لا يعلمونه ، فهذا ينافي إيجاب الاحتياط فيه ، وأما إذا كانت (ما) مصدرية زمانية فالمرجع للضمير
__________________
(١) المستدرك ١٨ : ٢٠ ، الباب ١٢ من أبواب مقدمات الحدود ، الحديث ٤. عن عوالي اللآلي ١ : ٤٢٤ ، الحديث ١٠٩.