لا يكون بهذا الحمل طلبا مطلقا ، بل طلبا إنشائيا ، سواء أنشئ بصيغة افعل ، أو بمادّة الطلب ، أو بمادّة الأمر ، أو بغيرها ، ولو أبيت إلّا عن كونه موضوعا للطلب فلا أقل من كونه منصرفا إلى الإنشائي منه عند إطلاقه كما هو الحال في لفظ الطلب أيضا ، وذلك لكثرة الاستعمال في الطلب الإنشائي ، كما أنّ الأمر في لفظ الإرادة على عكس لفظ الطلب ، والمنصرف عنها عند إطلاقها هو الإرادة الحقيقية واختلافهما في ذلك ألجأ بعض أصحابنا إلى الميل إلى ما ذهب إليه الأشاعرة ، من المغايرة بين الطلب والإرادة ، خلافا لقاطبة أهل الحق والمعتزلة ، من اتحادهما ، فلا بأس بصرف عنان الكلام إلى بيان ما هو الحق في المقام ، وإن حققناه في بعض فوائدنا إلّا أنّ الحوالة لمّا لم تكن عن المحذور خالية ، والإعادة بلا فائدة ولا إفادة ، كان المناسب هو التعرض هاهنا أيضا.
______________________________________________________
بالحمل الشائع ، وإن أبيت إلّا عن كون لفظ الأمر موضوعا لمطلق الطلب ، فلا أقلّ من كونه منصرفا عند إطلاقه إلى الانشائي منه ، لما ذكرنا من تبادره منه ، فيكون لفظ الأمر حاله حال لفظ الطلب ، فإنّ لفظ الطلب مع كونه موضوعا لمطلق الطلب ينصرف عند إطلاقه إلى الإنشائي منه ، وكذلك للإرادة نحوين من الوجود : حقيقي واعتباري ، وعند إطلاقها تنصرف إلى الحقيقي منهما الذي هو عين الطلب الحقيقي ، عكس لفظ الأمر والطلب ، فلفظ الإرادة ولفظ الطلب مترادفان ومتحدان مفهوما ومصداقا ، ومختلفان في المعنى المنصرف إليه ، حيث إنّ الأوّل ينصرف إلى الحقيقي منه ، والثاني إلى الإنشائي منه.
ولا يبقى مجال لتوهم أنّ في النفس غير الإرادة ومقدّماتها صفة أخرى قائمة بها تكون طلبا ، كما التزم به أبو الحسن الأشعري ، وسمّاه بالكلام النفسي ، الذي يكون في موارد الأمر ، والوجه في عدم المجال لذلك أنّ مراجعة الإنسان وجدانه كافية في