قال : مهما آسى (١) عليه من شيء فإنّي لا آسي على شيء أسفي على أنّي لم أُقاتل الفئة الباغية مع عليٍّ ، فهذا ندم القاعد.
وهذه عائشة روى الرواة أنّها لمّا أنّبها مؤنّب فيما أتته قالت : قضي القضاء ، وجفّت الأقلام ، والله لو كان لي من رسول الله صلىاللهعليهوآله عشرون ذكراًكلّهم مثل عبدالرحمن بن الحارث بن هشام ، فثكلتهم بموت وقتل كان أيسر عليَّ من خروجي على عليٍّ ، ومسعاي التي سعيت ، فإلى الله شكواي لا إلى غيره.
وهذا سعد بن أبي وقّاص ، لمّا أُنهي إليه أنّ عليّاً صلوات الله عليه قتل ذا الثدية أخذه ماقدّم (٢) وما أخّر ، وقلق (٣) ونزق (٤) ، وقال : «والله ، لو علمت أنّ ذلك كذلك لمشيت إليه ولو حبواً».
ولمّا قدم معاوية دخل إليه سعد فقال له : يا أبا إسحاق ، ما الذي منعك أن تعيننا على الطلب بدم الإمام المظلوم ؟
فقال : كنت اُقاتل معك عليّاً ، وقد سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول له : «أنت منّي بمنزلة هارون من موسى».
قال : أنت سمعت هذا من رسول الله صلىاللهعليهوآله ؟
قال : نعم ، وإلاّ صُمّتا.
__________________
(١) ورد في حاشية «ج ، ل» : أسِي على مصيبته بالكسر يأسى ، أسىً ، أي : حزن. الصحاح ٦ : ١٨٤ .
(٢) ورد في حاشية «ج ، ل» : لعلّ المراد أخذه ما قدّم من سوء معاملته مع عليٍّ عليهالسلام ، وماأخّر ، أي : ما نوى أن يفعل ؛ وذلك لأنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله أخبر أنّ ذا الثدية في الفئة الباغية وأنّ قاتله على الحقّ. (م ق ر رحمهالله ).
(٣) ورد في حاشية «ج ، ل» : القلق محركة : الانزعاج. القاموس المحيط ٣ : ٣٧٨.
(٤) ورد في حاشية «ج ، ل» : نزق كفرح وضرب طاش وخفّ عند الغضب. القاموس المحيط٣ : ٣٨٦.