المقام إلّا انه ان جعلنا الاصل من المرجحات كما هو المشهور وسيجيء لم يتحقق التعادل بين الامارتين الا بعد عدم موافقة شىء منهما للاصل والمفروض عدم جواز الرجوع الى الثالث لانه طرح للامارتين فالاصل الذى يرجع اليه هو الاصل فى المسألة المتفرعة على مورد التعارض كما لو فرضنا تعادل اقوال اهل اللغة فى معنى الغناء او الصعيد او الجذع من الشاة فى الاضحية فانه يرجع الى الاصل فى المسألة الفرعية.
بقى هنا ما يجب التنبيه عليه خاتمة للتخيير وهو ان الرجوع الى التخيير غير جار الا بعد الفحص التام عن المرجحات لان مأخذ التخيير ان كان هو العقل الحاكم بان عدم امكان الجمع فى العمل لا يوجب إلّا طرح البعض فهو لا يستقل بالتخيير فى المأخوذ والمطروح الا بعد عدم مزية فى احدهما اعتبرها الشارع فى العمل ؛ والحكم بعدمها لا يمكن إلّا بعد القطع بالعدم والظن المعتبر او اجراء اصالة العدم لا يعتبر فيما له دخل فى الاحكام الشرعية الكلية الا بعد الفحص التام مع ان اصالة العدم لا تجدى (١) فى استقلال العقل بالتخيير كما لا يخفى.
وان كان مأخذه الاخبار فالمتراءى منها من حيث سكوت بعضها عن جميع المرجحات وان كان جواز الاخذ بالتخيير ابتداء إلّا انه يكفى فى تقييدها دلالة بعضها الآخر على وجوب الترجيح ببعض المرجحات المذكورة فيها المتوقف على الفحص عنها المتممة (٢) فيما لم يذكر فيها من المرجحات المعتبرة بعدم
__________________
١ ـ لانها اصل قد ثبت التعبد بمقتضاه شرعا فى مورد الشك والعقل انما يستقل بحكم فى مورد بعد احراز جميع ما له دخل فى حكمه على سبيل القطع او الظن المعتبر واصالة العدم لا ترفع الشك فلا يستقل معه العقل (م ق)
٢ ـ المتممة مبنية للمفعول صفة للدلالة فى قوله ودلالة بعضها الآخر : وحاصله ان الاخبار المطلقة للتخيير تقيد بصورة فقد جميع المرجحات المعتبرة بالاخبار المقيدة له بصورة فقد بعضها بضميمة عدم القول بالفصل بين المرجحات (الطوسى)