الحرام كان التكليف منجزا بالاجتناب عنه فلو لم يكن كذلك بان لم يكلف به اصلا كما لو علم بوقوع قطرة من البول فى احد اناءين احدهما بول او متنجس بالبول او كثير لا ينفعل بالنجاسة او احد ثوبين احدهما نجس بتمامه لم يجب الاجتناب عن الآخر لعدم العلم بحدوث التكليف بالاجتناب عن ملاقى هذه القطرة اذ لو كان ملاقيها هو الاناء النجس لم يحدث بسببه تكليف بالاجتناب اصلا ، فالشك فى التكليف بالاجتناب عن الآخر شك فى اصل التكليف لا المكلف به وكذا لو كان التكليف فى احدهما معلوما ، لكن لا على وجه التنجز بل معلقا على تمكن المكلف منه فان ما لا يتمكن المكلف من ارتكابه لا يكلف منجزا بالاجتناب عنه كما لو علم وقوع النجاسة فى احد شيئين لا يتمكن المكلف من ارتكاب واحد معين منهما فلا يجب الاجتناب عن الآخر لان الشك فى اصل تنجز التكليف لا فى المكلف به تكليفا منجزا
وكذا لو كان ارتكاب الواحد المعين ممكنا عقلا لكن المكلف اجنبى عنه وغير مبتلى به بحسب حاله كما اذا تردد النجس بين انائه وبين اناء الآخر لا دخل للمكلف فيه اصلا فان التكليف بالاجتناب عن هذا الاناء الآخر المتمكن عقلا غير منجز عرفا ولهذا لا يحسن التكليف المنجز بالاجتناب عن الطعام او الثوب الذى ليس من شأن المكلف الابتلاء به ، نعم يحسن الامر بالاجتناب عنه مقيدا بقوله اذا اتفق لك الابتلاء بذلك بعارية او بملك او اباحة فاجتنب عنه
والحاصل ان النواهى المطلوب فيها حمل المكلف على الترك مختصة بحكم العقل والعرف بمن يعد مبتلى بالواقعة المنهى عنها ولذا يعد خطاب غيره بالترك مستهجنا الا على وجه التقييد بصورة الابتلاء ولعل السر فى ذلك ان غير المبتلى تارك للمنهى عنه بنفس عدم الابتلاء فلا حاجة الى نهيه فعند الاشتباه لا يعلم المكلف بتنجز التكليف بالاجتناب عن الحرام الواقعى.
وهذا باب واسع ينحل به الاشكال عما علم من عدم وجوب الاجتناب عن الشبهة المحصورة فى مواقع مثل ما اذا علم اجمالا بوقوع النجاسة فى انائه