المسافة بريد وإن كان سفره بريدين ثمانية فراسخ.
لا يقال : كيف يجوز على الحكيم أن يقتصر على قوله (التقصير في بريد) مع إرادة ما تشعر به الألفاظ.
لأنّا نقول : إنّهم عليهم السلام لم يقتصروا على أخبار البريد؛ بل قد جاءت عنهم الأخبار المشتملة(١) على البيان الواضح : خبر زرارة بن أعين وخبر معاوية بن وهب وخبر سليمان بن حفص(٢) ، والإجمال والتبيين واقع في الكتاب والسنّة ، وقد جمع(٣) بين الإجمال والتبيين خبر محمّد بن مسلم قال : سألت أبا جعفر عليه السلام عن التقصير فقال : (في بريد ، قلت : في بريد؟ قال : إنّه إذا ذهب بريداً ورجع بريداً شغل يومه)(٤).
ألا ترى أنّه عليه السلام قد اقتصر في الجواب على قوله (في بريد) فلمّا اشتبه على السائل ما اشتبه على الأصحاب عزم على الذهاب بريداً والرجوع بريداً كان قاصداً مسافة مسيرة يوم ، وكما أنّه إذا ذهب بريدين شغل
__________________
(١) في الأصل : المشتمل.
(٢) قد مرَّ تخريجها كلّها سابقاً فراجع ص ٣١ ـ ٣٢.
(٣) هذا دفع دخل مقدّر؛ وخلاصته : أنّ هنا إشكالاً بالإجمال في كلام الإمام ، فأجاب عنه بأنّه بنحو الإجمال والتبيين من كلام الإمام أيضاً ، وأمّا أنّه كيف يكون ذلك منهم فجوابه أنّ الإجمال والتبيين ليس بعزيز الوجود بل هو واقع في القرآن كثيراً أيضاً ، فليس ممّا يستنكر حينئذ وقوعه في السنة.
(٤) وسائل الشيعة : م ٥ ص ٤٩٦ باب ٢ من أبواب صلاة المسافر حديث ٩ عن التهذيب : ١ / ٤١٥.