وإنّ معنى التأويل هو رجوع الشيء عن حالته التي هو عليها. فإذا كان للآية معنى ظاهري ، فإنّ الرجوع بالآية عن هذا المعنى وتفسيرها بمعنى آخر يُعدُّ من مصاديق التأويل. فلو كانت الآية مجملة ، وتحتمل معنيين أو أكثر ، فإنّ تعيين أحد المعنيين وترجيحه على المعنى أو المعاني الأخرى يكون من مصاديق التأويل أيضاً.
إنّ من الضروري معرفة أنّ التأويل يتعلّق بارتباط الألفاظ بمعانيها ـ بمعنى موارد استعمالها ـ ، أم أنّ تحديد مصاديق المعاني وتقديم تصوير لمفهوم المفردات ـ فوق ما يستفاد من الألفاظ أي يرتبط بدلالة اللفظ على المعنى ـ يدخل في دائرة التأويل أيضاً؟ هذا ما سوف نتحدّث عنه بتفصيل أكثر.
الأمر الذي نريد التأكيد عليه هنا ، هو أنّ تفسير الآية بمعناها الظاهري لا يعتبر تأويلاً على ما يبدو ، حتّى إذا كانت هناك قرائن قطعية تدلّ على أنّ هذا المعنى الظاهري للآية ليس هو مراد الله سبحانه وتعالى ، وبالطبع قد تكون القرائن القطعية من الوضوح بحيث تؤثّر في بلورة ظهور الآية ، من قبيل الآيات التي تتحدّث عن الصفات الإلهية وتثبت لله (يداً) أو (وجهاً) وما إلى ذلك ، فبالالتفات إلى القرينة العقلية القطعية الواضحة القائمة على استحالة أن يكون لله جسم لا يكون لهذه الآيات ظهور في معنى التجسيم ، ولذلك فإنّ المجسمة الذين تمسّكوا بهذه الآيات إنّما صاروا يلتزمون في الحقيقة بالمعنى المخالف لظاهر الآية ، وهذا يدخل في دائرة التأويل ، من هنا يمكن لمثل هذه الآيات أن تدخل في قسم المتشابهات.