مسلك من فصّل بين لا ضرر ولا ضرار في المفاد :
وقد يفصّل بين لا ضرر ولا ضرار في استفادة النهي عن الثاني دون الأوّل والوجه فيه هو اختلاف مدخولهما في المعنى قال السيد المحقّق السيستاني مد ظله العالي إنّ الظاهر بملاحظة الموارد المختلفة للهيئة أنّ هذه الهيئة (أي هيئة الضرار) تدلّ على نسبة مستتبعة لنسبة أخرى بالفعل أو بالقوة وذلك ممّا يختلف بحسب اختلاف الموارد فتارة تكون النسبة الأخرى كالأوّل صادرة من نفس هذا الفاعل بالنسبة إلى نفس الشيء وأخرى تكون احداهما صادرة من الفاعل والأخرى من المفعول كما في ضارب فيعبّر عن المعنى حينئذ بالمشاركة وفي الحالة الأولى قد يكون تعدد المعنى من قبيل الكم المنفصل فيعبّر عنه بالمبالغة كما ذكر في كلام المحقّق الرضي قده (١) أو يعبّر عنه بالامتداد إذا لم يكن التعدد واضحا كما فسّر لفظ المطالعة في بعض الكتب اللغوية كالمنجد بإدامة الاستطلاع مع أنّه استطلاعات متعددة في الحقيقة وقد يكون المعنى من قبيل الكم المتصل فيكون تكرره بلحاظ انحلاله إلى أفراد متتالية كما في (سافر) ونحوه وحينئذ يعبر عنه بالامتداد والطول ولازمه التعمد والقصد في بعض الموارد نحو تابع وواصل كما مرّ آنفا.
ولا يرد على ما ذكرنا ما أورده المحقّق الاصفهاني على القول بدلالة الهيئة على المشاركة من أنّه لا يمكن أن يكون المدلول الواحد محتويا لنسبتين لأنّ المدلول المطابقى على ما ذكرنا نسبة واحدة لكنّها مقيدة بأنّ تتبعها نسبة أخرى على نحو دخول التقيد وخروج القيد.
وعلى ضوء ذلك يمكن القول بأنّ الضرار يفترق عن الضرر بلحاظ أنّه يعني تكرر صدور المعنى عن الفاعل أو استمراره وبهذه العناية أطلق النبي صلىاللهعليهوآله على سمرة أنّه مضار لتكرر دخوله في دار الأنصاري دون استيذان إلى أن قال اتضح ممّا ذكرناه في معنى الهيئة فيهما وجود الفرق بين معناهما (أي الضرر والضرار) فالضرر معنى اسم مصدري ماخوذ من المجرد والضرار مصدر يدلّ على نسبة صدورية مستتبعة لنسبة اخرى ولذلك ذكر المحقّق
__________________
(١) شرح الشافية ط الحجر / ص ٢٨.