بل لو أتى به كذلك أي بداعي طلب قول النبي صلىاللهعليهوآله أو التماسا للثواب الموعود كما قيد به في بعضها الآخر لأوتي الأجر والثواب على نفس العمل لا بما هو احتياط وانقياد فيكشف عن كونه بنفسه مطلوبا وإطاعة فيكون وزانة وزان من سرّح لحيته أو من صلّى أو صام فله كذا ولعله لذلك أفتى المشهور بالاستحباب فافهم وتامل. (١)
وقد أوضحه المحقق الأصفهاني بأن الظاهر من أخبار من بلغ هو كونها في مقام تقرير ذلك الثواب البالغ وتثبيته ومقتضى ذلك ثبوته لنفس العمل لأنه هو الذي بلغ الثواب عليه ولا ينافي هذا الظهور ظهور الفاء في التفريع الظاهر في داعوية الثواب للعمل ببيان أن الداعي إلى العمل يمتنع أن يصير من وجوه وعناوين ما يدعو إليه بحيث يتعنون العمل المدعو إليه بعنوان من قبل نفس الداعي إذا الفرض أنّ العنوان ينشأ من دعوة الشيء فيمتنع أن يكون مقوما لمتعلق الدعوة وللمدعو إليه وعليه فما يدعو إليه الثواب هو ذات العمل ويستحيل أن يكون هو العمل الخاص المتخصص بخصوصية ناشئة من قبل دعوة الثواب كخصوصية كونه انقيادا أو احتياطا فما يدعو إليه الثواب ليس هو الانقياد وإنما الانقياد يتحقق بإتيان ذات العمل بداعي احتمال الأمر فهو متأخر عن دعوة احتمال الأمر فيمتنع أن يؤخذ في متعلق دعوته وعليه فالثواب المترتب إنما رتب على ما دعى إليه احتمال الأمر وهو ذات العمل لا العمل المقيد بالاحتمال ولا ما يتعنون بعنوان الانقياد. (٢) يمكن أن يقال كما أفاد شيخنا الاستاذ الأراكي قدسسره إن العبرة بلسان الدليل لا بالعمل الخارجي وعليه فظهور الفاء في قوله فعمله أو فصنعه في التفريع على بلوغ الثواب يكفي في الدلالة على أن الثواب المجعول في الروايات المذكورة ليس مرتبا على ذات العمل بل مرتب على العمل المأتي به بداعي احتمال الأمر وعليه فداعوية الثواب مأخوذة في موضوع ترتب الثواب في لسان الدليل وما ذكره صاحب الكفاية من أن الداعي إلى العمل لا يوجب وجها وعنوانا يؤتى به بذلك
__________________
(١) الكفاية : ٢ : ١٩٧ ـ ٢٠٠.
(٢) نهاية الدراية ٢ : ١٢١ ، الطبعة الأولى.