ولكن هذا العلم لا يوجب التنجيز لعدم حصر أطرافه وعدم كون جميعها في محل الابتلاء فما ابتلي به من أطرافه محكوم بالحليّة ما لم يعلم أنه حرام بعينه. (١)
وثانيا : أنّ الأمثلة المذكورة فيها كلّها من الشبهات الموضوعية. وهي تؤكد اختصاصها بالشبهة الموضوعية فلا تشمل الشبهة الحكمية هذا مضافا إلى عدم ارتباطها بقاعدة الحلية لأنّ تلك الموارد موارد الأمارة والأصول المحرزة.
وثالثا : أنّ جعل غاية الحلية قيام البينة في قوله عليهالسلام والأشياء كلها على هذا حتى يستبين لك غير ذلك أو تقوم به البينة قرينة على اختصاصها بالشبهة الموضوعية أيضا.
وعليه فلا وجه للاستدلال بموثقة مسعدة للبراءة في الشبهات الحكمية.
يمكن الجواب عن الجميع أمّا عن الإشكال الأول فبأن هذه القرينة غير تامة لوضوح أنّ المطلوب ليس هو التخصيص بالشبهة الحكمية وإنما تعميم الحديث لها وهو لا يتنافي مع عدم غلبة الشبهة غير المحصورة فيها إذ يكفي أن يكون غير نادر بلحاظ جامع الشبهة. (٢)
ولا يخفى ما فيه فإن الإشكال يكون من جهة ظهور فيه «بعينه» في الاختصاص بالشبهة الموضوعية بدعوى ظهوره في الاحتراز عن العلم بالحرام لا بعينه وهو لا ينطبق إلّا على الشبهة الموضوعية لعدم تصور العلم بالحرام لا بعينه في الشبهة الحكمية فإنه مع الشك في حرمة شيء وحليته لا علم لنا بالحرام لا بعينه وعلى فرض تصوره في العلم الإجمالي بالحرمة لا يمكن شمول الحديث له للمناقضة وبعبارة أخرى أنّ الإشكال ليس من جهة حمل المطلق على النادر حتى يصح الجواب عنه بأنّه ليس حمل المطلق على النادر بل هو من باب إطلاق المطلق على النادر بل الإشكال من جهة عدم إمكان تصور العلم بالحرام لا بعينه في الشبهة الحكمية بحيث لا تلزم منه المناقضة فتدبر جيدا.
قال في منتقى الاصول يمكن تعميم الحديث للشبهة الحكمية مع المحافظة على ظهور لفظ
__________________
(١) مصباح الاصول ٢ : ٢٧٣ ـ ٢٧٤.
(٢) مباحث الحجة ٢ : ٦٥.