المعروف من الأفعال الجميلة والأخلاق الحميدة وعليه فتكون هذه الآية كسائر الآيات الدالّة على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الأمر بالمعروف وقد أمر سبحانه وتعالى في صدر الآية بالعفو عمّا فعله الجاهلون وأمر في ذيلها بالإعراض عن الجاهلين.
ولذلك قال في زبدة البيان الآية تدلّ على رجحان حسن الخلق ممّا يستحقّه الإنسان في ذمّة الغير من الحقوق وغيره واستعمال اللين والملاءمة في المعاملات والأمر بالمعروف والإعراض عن الجهّال. (١)
ومنها النبويّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن. (٢)
وفيه مضافا إلى ضعف السّند أنّه أجنبي عن المقام فإنّ البحث في مرجعيّة العرف لا حجّيّة سيرة المسلمين.
ومنها أنّ الشّارع قرّر كثيرا من العادات العربيّة وسكت عنها ولم يردعها وبنى مسائل الدّيات والقسامة على العرف وأقرّها وليست هذه العادات إلّا العرف فيعلم من إقرارها في تلك الموارد أنّه أقرّهم على العرف وجعله مرجعا ودليلا كسائر الأدلّة. (٣)
وفيه ما لا يخفى فإنّه خلط بين إقرارهم على العرف بما هو عرف وبين إقرار حكم من أحكام العرف لموافقته مع الأحكام الإسلاميّة المبنيّة على المصالح والمفاسد الواقعيّة فالثّابت هو الثّاني لا الأوّل وبينهما بون بعيد.
وبعبارة اخرى تصديق العرف بنحو الموجبة الجزئية لا يستلزم تصديقه بنحو الموجبة الكلّية والكلام في حجّيّة العرف بنحو الموجبة الكليّة والأدلّة المذكورة لا تفي بذلك وبالجملة فالتحقيق أنّ العرف لا يقدر على تعيين الأحكام الشرعيّة بملاحظة المناطات والملاكات الظنيّة لعدم إحاطته بذلك.
هذا مضافا إلى منع النّصوص القطعيّة الكثيرة عن ذلك والأمر بالتحذّر عنه منها موثقة
__________________
(١) زبدة البيان : ٥٥٦ ـ ٥٥٧.
(٢) مجموعة رسائل ابن عابدين : ١١٣.
(٣) أجوبة المسائل المبنائية : ١٦٧.