فكما أنّ أصالة الحقيقة تجري فيما إذا شكّ في لفظ أنّه استعمل في معناه الحقيقي أو في غيره ويحكم بكونه مستعملا في معناه الحقيقي ويعين المراد لا فيما إذا علم أنّ اللفظ استعمل في معنى وشكّ في أنّه معناه الحقيقي أو غيره فكذلك أصالة العموم جارية فيما إذا شكّ في خروج فرد وعدمه لا ما إذا علم بالخروج من الحكم وشكّ في أنّه فرد من العامّ أو ليس بفرد.
قال شيخنا الاستاذ الأراكي قدسسره الحقّ أن يقال إنّ هذه الاصول حيث تكون مأخوذة من العقلاء لبّا فلا بدّ من الاقتصار على القدر المتيقّن والقدر المتيقّن من إجراء العقلاء هو في الشبهات المراديّة.
ولعلّ السرّ أنّ وجه الحاجة إليها هو الإلزام والالتزام والاحتجاج بين المتكلّم والمخاطب فلو قال أكرم العلماء فلم يكرم المخاطب فردا من العلماء يلزمه المتكلّم ويحتجّ عليه بأنّه لم لم تكرمه مع أنّ العلماء قد شمل هذا أيضا كما أنّه لو أكرم المخاطب فردا وقال المتكلّم لم أكن مريدا لإكرام هذا الفرد كان للمخاطب الزامه والاحتجاج عليه بأنّ لفظك كان عامّا شاملا لهذا أيضا وإن كنت غير مريد لاكرامه كان عليك الاستثناء.
والحاصل أنّ إلزام أحد المتخاطبين للآخر واحتجاجه عليه إنّما يكون في مقامات الشكّ في المراد وأمّا لو كان المراد معلوما فلا إلزام ولا احتجاج في البين كما لا يخفى (١).
ولكن لا يخلو هذا عن التأمّل والنظر وسيأتي بيانه فيما يلي إن شاء الله تعالى.
هذا كلّه فيما إذا كان دوران الأمر بين التخصيص والتخصّص بالنسبة إلى فرد واحد.
__________________
(١) اصول الفقه : ١ / ٣٠٠.