تعبيرنا في الفارسيّة عن معناها بقولنا : (اين است وجز اين نيست) فإنّه لا يستفاد منه إلّا زيادة تأكيد بدون استفادة الانحصار (١).
ويمكن الجواب عنه أوّلا كما في الكفاية بأنّ السبيل إلى التبادر لا ينحصر بالانسباق إلى أذهاننا فإنّ الانسباق إلى أذهان أهل العرف أيضا سبيل (٢).
ولعلّه يكفي لإثبات التبادر عند أذهان عرف المحاورة ما حكي عن أهل الأدب العربيّ في التفاسير من الأقوال والأشعار فإنّها توجب الاطمئنان بذلك.
قال في مجمع البيان : لفظة إنّما مخصّصة لما أثبت بعده ونافية لما لم يثبت يقول القائل لغيره إنّما لك عندي درهم فيكون مثل أن يقول إنّه ليس لك عندي إلّا درهم وقالوا إنّما السخاء حاتم يريدون نفي السخاء عن غيره والتقدير إنّما السخاء سخاء حاتم فحذف المضاف والمفهوم من قول القائل إنّما أكلت رغيفا وإنّما لقيت اليوم زيدا نفي أكل أكثر من رغيف ونفي لقاء غير زيد.
وقال الأعشى :
ولست بالأكثر منهم حصى |
|
وإنّما العزّة للكاثر |
أراد نفي العزّة عمّن ليس بكاثر (٣).
وقال الزمخشريّ في ذيل قوله تعالى (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ) ومعنى إنّما اختصاصهم بالموالاة (٤).
والظاهر من عبارة المجمع والكشّاف وغيرهما أنّ «إنّما» تدلّ على الحصر عند
__________________
(١) كتاب النكاح : ص ٤٥٧.
(٢) الكفاية : ج ١ ص ٣٢٨.
(٣) مجمع البيان : ج ٣ ص ٢٠٩.
(٤) الكشّاف : ج ١ ص ٦٢٣.