قال فالاستدلال للخروج بأنّ غاية الشيء حدّه وحدّ الشيء خارج عنه لا مساس له بمحلّ الكلام والظاهر الدخول في الغاية كما هو الحال في المبدأ فالسير من البصرة إلى الكوفة لا يتحقّق إلّا بالمسير المبتدأ في جزء من البصرة المنتهى في جزء من الكوفة وهكذا (١).
وذلك لما عرفت من المراد من حدّ الشيء في كلام نجم الأئمّة هو الحدّ العرفيّ لا الفلسفيّ هذا مضافا إلى ما في استظهاره الدخول في الغاية كما هو الحال في المبدأ مع أنّه في محلّ المنع لأنّ مفاد الأمر بالسير من البصرة إلى الكوفة ليس إلّا الأمر بالسير الواقع بينهما ولا دلالة له على دخول جزء من البصرة أو الكوفة بل الظاهر خروجهما كما يشهد له أمثال ذلك كالأمر بالسعي بين الصفا والمروة فتدبّر جيّدا.
نعم لا ينافيه دخول المدخول في بعض الموارد بالقرينة كقوله حفظت القرآن من أوّله إلى نهايته.
وقال صاحب الكفاية في الثانية أعني غاية الحكم هذا الخلاف لا يكاد يعقل جريانه فيما إذا كان قيدا للحكم ولعلّ وجه عدم المعقوليّة هو لزوم اجتماع الضدّين إذا كانت الغاية علما بالحكم المخالف مثل قوله عليهالسلام (كلّ شيء طاهر حتّى تعلم أنّه قذر) إذ يلزم من دخول الغاية أن تجتمع الطهارة والنجاسة في شيء واحد وهو محال.
ولكنّه منظور فيه لإمكان النزاع أيضا فيما إذا كان الحكم مقيّدا كقوله صم إلى الليل فإنّه قابل لأن يبحث فيه عن انقطاع وجوب الصوم بانتهاء اليوم أو بقائه إلى دخول مقدار من الليل أو إلى انقضائه فلا وجه لاختصاص النزاع بغاية الموضوع ومحذور اجتماع الضدّين مخصوص بما إذا كانت الغاية هو العلم بالحكم المخالف مثل قوله عليهالسلام كلّ شيء لك حلال حتّى تعلم أنّه حرام أو كلّ شيء طاهر حتّى تعلم أنّه
__________________
(١) أصول الفقه : ج ١ ص ٢٧١.