لبعض الآحاد علّة أخرى للحكم فلم يتحقّق العموم بعليّة هذه العلة بل بعض الأفراد وبعضها الآخر بعلّيّة العلّة الاخرى وهو خلف في كون العلّة علّة منحصرة وهذه قرينة على تعميم المفهوم بحيث لولاها لكان نقيض الموجبة الكلّيّة هي السالبة الجزئية ونقيض السالبة الكلّيّة هي الموجبة الجزئيّة والثاني أقرب على المختار من أنّ القضايا الشرطيّة تفيد العليّة المنحصرة بل الأمر كذلك لو لم نقل بذلك ولكن قامت قرينة على إفادة المفهوم والعلّيّة المنحصرة فتحصّل أنّ المنطوق إذا كان الموضوع فيه مأخوذا على وجه الاستغراق فالمفهوم في القضية الشرطيّة هو السلب الكلّي إذا كان المنطوق إيجابا كلّيّا أو هو الإيجاب الكلّي إذا كان المنطوق سلبا كلّيّا.
وهذا وإن كان ينافي ما قرّر في المنطق من أنّ نقيض الموجبة الكلّيّة هي السالبة الجزئية ونقيض السالبة الكلّيّة هي الموجبة الجزئيّة ولكنّه لا مفسّر منه لأنّه خواصّ إفادة العلّيّة المنحصرة في القضايا الشرطيّة فاللازم هو حمل ما في المنطق على غير القضايا الشرطيّة بناء على إفادتها العلّيّة المنحصرة هذا مضافا إلى ما قيل من أنّ موضوع كلام المنطقيين هو المعقولات ولا يرتبط بموضوع كلام الاصولي والفقيه فإنّ موضوع كلامهم هو ظاهر الألفاظ ، فتدبّر.
خامسها : أنّ مع فرض تسليم أنّ مفهوم القضيّة الشرطيّة الموجبة الكليّة هي السالبة الجزئيّة ومفهوم القضيّة الشرطيّة السالبة الكلّيّة هي الموجبة الجزئيّة يقع الكلام في أنّ الأمر في العموم الأحوالي يكون كذلك أولا ذهب بعض الأعلام إلى أنه كذلك نظرا إلى أنّ مفاد المنطوق في مثل قوله عليهالسلام : (إذا كان الماء قدر كرّ لم ينجّسه شيء) سالبة كليّة وهي أنّ الكرّ لا ينجّسه شيء من النجاسات أو المتنجّسات في شيء من الحالات فيكون نقيضها رفع هذا العموم ويكفي في صدقه تنجّس ما دون الكرّ ببعض النجاسات ولو في بعض الحالات فنفس المفهوم ليس فيه عموم أفرادي ولا إطلاق أحوالي.