ولا محالة هذا الشكّ سار في كلّ منهما ما ذكرناه من أنّ مقتضى مقدّمات الإطلاق في المتعلّقات هو عدم تقيّدها بما يمنع عن صدقها وتطابقها على جود واحد فلا ارتباط له مع البراءة لأنّه أخذ بمقدّمات الإطلاق وقد عرفت كفايتها لرفع احتمال التباين فيما إذا جرت المقدّمات هذا مضافا إلى أنّ احتمال تقييد المتعلّقات بأحكام الامتثال لا مجال له بعد كون الأدلّة في مقام تشريع الأحكام لا أحكام الامتثال فاللازم هو إرجاع القيد إلى قيود المتعلّقات كما بيّناه.
وإن أريد بذلك أنّ المتعلّقات مجهولة في مفادها ومفهومها في نفسها ففيه منع واضح فإنّ مفاهيمها واضحة ولا إجمال لها ولا تقاس بموارد الشبهات المفهوميّة وإنّما الشكّ في كونها مقيّدة بما يمنع عن تطابقها على مصداق واحد وعدمه وهو كما عرفت مجرى مقدّمات الإطلاق ومع عدم جريانها فاللازم هو الفراغ اليقينيّ لمعلوميّة الاشتغال بالمتعدّد بعد ظهور الشرطيّة في الاستقلال والحدوث بعد الحدوث ولا مجال للبراءة كما لا يخفى.
ثمّ إنّه إن شكّ في التداخل من جهة احتمال تأكّد الوجوب وعدمه ذهب في نهاية الأفكار إلى أنّه لا محيص حينئذ من الاحتياط حيث يعلم تفصيلا بتأثير كلّ شرط في مرتبة من التكليف وإنّما الشكّ في تعلّقهما بوجود واحد أو بوجودين وبعبارة أخرى يعلم تفصيلا بأنّه من قبل كلّ شرط توجّه الزام إلى المكلّف وإنّما الشكّ في تعلّقهما بوجود واحد فيلزمه تأكّد الوجوب فيه أو بوجودين مستقلّين وفي مثله لا محيص إلّا من الاحتياط من جهة أنّه في الاكتفاء بإيجاد واحد يشكّ في الخروج عن عهدة ذلك التكليف الناشئ من قبل الشرط الثاني لاحتمال تعلقه بوجود آخر (١).
ولا يخفى عليك أنّه لا مجال لاحتمال التأكيد بعد استظهار تعدّد المتعلّق بتقدير
__________________
(١) نهاية الأفكار : ج ١ ص ٤٩٤ ـ ٤٩٥.