أن يكون التعدّد بحسب الأفراد أو الأجناس كما في المحاضرات (١).
وممّا ذكر يظهر ما في نهاية النهاية حيث قال : سببيّة الطبيعة تارة تكون بسببيّة وجودها السعي واخرى تكون بسببيّة وجوداتها الخاصّة وظاهر تعليق الجزاء على الطبيعة هو الأوّل كما أنّ ظاهر توجيه التكليف إلى الطبيعة هو ذلك (٢).
وجه ذلك ما عرفت فإنّ اعتبار الوجود السعي بمعنى صرف الوجود أعني أوّل الوجود خلاف الظاهر لأنّ الظاهر ترتيب الحكم على مجرّد وجود الطبيعة لا على الوجود المقيّد فإنّه يحتاج إلى مئونة زائدة وبمعنى صرف الوجود الفلسفيّ بحيث لا يشذّ عنه وجود فهو واحد لا تعدّد فيه فهو وإن أمكن لحاظه ولكن لا يعقل تحقّقه في الخارج كما أفاد المحقّق الأصفهانيّ قدسسره حيث قال : إنّ تعليق الحكم عليه محال إذ لا يعقل تحقّقه في الخارج فلا يعقل تحقّق وجود النار مثلا بحيث لا يشذّ عنه نار وإن أمكن لحاظه بل المعقول منه الثابت في الخارج من الوجود الصرف هو وجود المبدا وفيضه المسمّى بالوجود المنبسط فإنّه الذي لا يتخلّل فيه غيره كما يعرفه الأوحدي من أهل المعرفة وقال أيضا في الذيل هذا مضافا إلى أن مجرّد وجوده يكفي في ترتّب الأثر ولو لم يكن صرف الوجود (٣).
وأيضا أن أراد صاحب نهاية النهاية من الوجود السعيّ عدم اعتبار الخصوصيّات المصداقيّة واعتبار نفس الوجود بعنوان المسبّب فهو كلام صحيح ولكنّ يتعدّد السبب بتعدّد الوجود نفسه كما يقتضيه الطبيعة السارية وان لم يكن للخصوصيّة مدخليّة.
وأمّا قياس ترتيب الحكم على طبيعة السبب بتعلّق الحكم بطبيعة شيء كما
__________________
(١) المحاضرات : ج ٥ ص ١٢١.
(٢) نهاية النهاية : ج ١ ص ٢٦٦.
(٣) نهاية الدراية : ج ٢ ص ١٧٥.