ومقتضى ذلك أنّ الواجب بحكم العقل هو المتوصّل لا ذات الشيء لغاية التوصّل.
اورد عليه بأنّ الأحكام العقليّة على قسمين :
أحدهما : العمليّة ومباديها هو بناء العقلاء على الحسن والقبح ومدح فاعل بعض الأفعال وذمّ فاعل بعضها الآخر وموضوع الحسن مثلا التأديب لا الضرب لغاية التأديب إذ ليس هناك بعث من العقلاء لغاية بل مجرّد بنائهم على المدح والممدوح هو التأديب لا الفعل بغاية التأديب.
وثانيهما : النظرية ولا تتكفّل فيه إلّا الإذعان بالواقع والمقام من قبيل الثاني إذ من الواضح أنّ العقل لا يتكفّل فيه إلّا الإذعان بالواقع وليس حكم العقل إلّا الإذعان بالملازمة بين الإرادتين لا أنّه حكم ابتدائيّ بوجوب الفعل عقلا حتّى لا يكون له معنى إلّا الإذعان بحسنه حيث لا بعث ولا زجر من العاقلة ينتج أنّ الحسن في نظر العقل هو المتوصّل لا الفعل لغاية التوصّل.
يمكن أن يقال : إنّ الإدراكات العقليّة يعبّر عنها بالأحكام العقليّة وهذه الأحكام إذا كانت معلّلة بحيثيّات ترجع تلك الحيثيّات التعليليّة إلى الحيثيّات التقييديّة سواء كانت عمليّة أو نظريّة وحكم العقل العمليّ بحسن الفعل للتأديب متصوّر كحكمه بحسن التأديب ولا فرق بينهما إلّا في أنّ الأوّل ينتهي إلى الثاني دون الثاني فإنّه لا ينتهي إلى الأوّل ومع تصوّر الحكم بحسن الفعل للتأديب يشمله ما ذكر من أنّ أحكام التعليليّة العقليّة ترجع إلى التقييديّة.
وهكذا يكون حكمه بتلازم إرادة ذي المقدّمة لإرادة المقدّمات من جهة التوصّل بها إليها ينتهي إلى الحكم بتلازم إرادة ذي المقدّمة مع إرادة المقدّمة المتقيّدة بالتوصّل بها إليها ولا فرق في ذلك بين أن يعبّر عن الحكم المذكور بالإذعان أو لا يعبّر لأنّ الإذعان أيضا حكم من الأحكام ولو سلم أنّه ليس بحكم فنفس الإذعان والإدراك أيضا يكون كالحكم في رجوع الحيثيّات التعليليّة إلى الحيثيّات التقييديّة ولا خصوصيّة