ثمّ إنّه أورد على إمكان أخذ الدواعي الثلاثة في متعلّق الأوامر بما أورد على إمكان أخذ قصد الأمر في المتعلّق من الدور أو لزوم علّيّة الشيء لنفسه ونظائرهما.
قال في تهذيب الاصول : الظاهر أنّ بعض الإشكالات المتقدّمة واردة على المفروض فيقال في تقريره (١) : إنّ داعويّة المصلحة مثلا لمّا كانت مأخوذة في المأمور به تصير الداعويّة متوقّفة على نفسها أو داعويّة إلى داعويّة نفسها لأنّ الفعل لا يكون بنفسه ذا مصلحة حتّى يكون بنفسه داعيا إلى الإتيان بل بقيد داعويّتها ، فلا بدّ أن يكون الفعل مع هذا القيد القائم بهما المصلحة داعيا إلى الإتيان وهذا عين الإشكال المتقدّم. وأيضا لمّا كانت المصلحة قائمة بالمقيّد يكون الفعل غير ذي المصلحة فلا يمكن قصدها إلّا على وجه دائر لأنّ قصد المصلحة يتوقّف عليها وهي تتوقّف على قصدها بالفرض.
ويردّ أيضا ما قرّر هناك من أنّ الداعي مطلقا في سلسلة علل الإرادة التكوينيّة فلو أخذ في العمل الذي هو في سلسلة المعاليل يلزم أن يكون الشيء علّة لعلّة نفسه فإذا امتنع تعلّق الإرادة التكوينيّة امتنع تعلّق التشريعيّة لأنّها فرع إمكان الأوّل. (٢)
__________________
(١) وفي بدائع الأفكار : فتقريبه أنّ دعوة المصلحة إلى الإتيان بالفعل تتوقّف على كون الفعل مشتملا عليها في حدّ ذاتها قبل تحقّق الدعوة في نفس الفاعل ليكون تصوّره إيّاها داعيا له إلى الفعل المشتمل عليها فإذا كان المأمور مقيّدا بالدعوة المزبورة لزم أن تكون المصلحة الموجبة للأمر به قائمة بالفعل المقيّد بما هو مقيّد فيتوقّف تحقّقها في الفعل على تحقّق القيد أعني : الدعوة إليه. وقد فرض أنّ تحقّق الدعوة إلى الفعل متوقّف على تحقّق المصلحة فيه وهو دور واضح. (١ / ٢٣٥).
(٢) وفي بدائع الأفكار : فتقريبه أنّ الداعي إلى الفعل تكوينا لا يمكن أن يكون في عرض الفعل لتتعلّق به الإرادة التكوينيّة لأنّه في مرتبة سابقة عليها والفعل في مرتبة متأخّرة عنها لأنّه متولّد ـ