فقالوا : إنّ الأئمّة من قريش.
فقال أبو بكر : هذا عمر قد عرفتم بأسه ، وهذا أبو عبيدة قد عرفتم فضله ؛ فبايعوا أيّهما شئتم.
فقام عمر ، فصافحه وقال : أنت أولى بها منّا يا أبا بكر.
ولم يكن معهم أحد من بني هاشم ؛ لأنّ موت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) كان أشدّ عليهم غمّاً من أن يتنافسوا في طلب الدنيا في مثل ذلك الوقت ، ورسول الله (صلّى الله عليه وآله) لم يفرغ من جهازه.
وبعد يا أبا الهذيل ، فكيف شدّ البيعة لمَن هو في بيعة غيره ؛ ألم يكن أبو بكر وعمر في جيش أُسامة يصلّيان بصلاته والنبيّ (صلّى الله عليه وآله) يقول في مرضه : «أنفذوا جيش أُسامة»(١) ، وهذا أُسامة يقول لأبي بكر عند تأمّره : أمّا أنا فرسول الله (صلّى الله عليه وآله) أمّرني عليك وعلى صاحبك ، فأنت مَن أمّرك علَيّ؟ والله لا أطعتك أبداً ، ولا حللتُ لك عهدي ، ولا صلّيتُ لك إلاّ بصلاتي.
يا أبا الهذيل ، فأين اجتماع المسلمين ورضاهم هاهنا مع الاختلاف.
وأخبرني يا أبا الهذيل ، عن أبي بكر لمّا خطب الناس على منبر رسول
__________________
(١) المسترشد : ١١٣ و ١١٦ ، التعجّب : ٤٢ ، الاحتجاج : ١ / ٣٨١ ، كشف المهجّة : ١٧٦ ، الطبقات الكبرى : ٤ / ٦٧ ، تمهيد الأوائل للباقلاّني : ٤٩٠ ، تاريخ مدينة دمشق : ٢ / ٥٧ و ٨ / ٦٢ و ٦٥ و ١٠ / ١٣٩ ، أنساب الأشراف ١ / ٣٨٤ ، المغازي للواقدي ٢ / ١١٢١ ، تاريخ اليعقوبي ٢ / ١١٣ .. وغيرها من المصادر.