(ت ٥٠١هـ) ، وكانت منازل آبائه الدور من النيل ، فلمّا قوي أمره واشتدَّ أزره وكثرت أمواله لاشتغال الملوك السلجوقية : بركياروق ، ومحمّد ، وسنجر ، أولاد ملك شاه بن ألب أرسلان بما تواتر بينهم من الحروب انتقل إلى الجامعين ـ موضع في غربي الفرات ـ ليبعد عن الطالب ، وذلك في محرّم سنة (٤٩٥هـ) ، وكانت أجمة تأوي إليها السباع فنزل بها بأهله وعساكره وبنى بها المساكن الجليلة والدور الفاخرة وتأنّق أصحابه في مثل ذلك فصارت ملجأً ، وقد قصدها التجّار فصارت أفخر بلاد العراق وأحسنها مدّة حياة سيف الدولة ، فلمّا قُتل بقيت على عمارتها ، فهي اليوم قصبة تلك الكورة ، وللشعراء فيها أشعار كثيرة ، منها قول إبراهيم بن عثمان الغزّي(١) وكان قدمها
__________________
وعساكره سنة (٤٩٥ هـ). كان شجاعاً بطلا ، حازماً طمّاحاً إلى التغلّب والسيادة ، موصوفاً بمكارم الأخلاق. ثارت في أيّامه الفتن بين أبناء ملكشاه السلجوقي ، فاحتلّ صدقة الكوفة واستولى على هيت وواسط ثمّ البصرة ، وانتظم له ملك بادية العراق ، إلى أن زحف عليه السلطان محمّد بن بركيارق ابن ملكشاه بجيش فيه خمسون ألف مقاتل ، فنشبت بينهما
حرب طاحنة انتهت بمقتل صدقة عند النعمانية.
يُنظر : الكامل في التاريخ : ١٠ / ٤٤٠ ، تاريخ الإسلام : ٣٥ / ٧ ، الوافي بالوفيات : ١٦ / ١٧٢ ، أعيان الشيعة : ٦ / ٣٩١ ، الأعلام : ٢ / ٣٣٦.
(١) أبو إسحاق ، إبراهيم بن يحيى بن عثمان بن محمّد الكلبي الأشهبي الغزّي (ت ٥٢٤هـ) ، شاعرٌ كبير ولد ونشأ في غزّة ، ثمّ سافر إلى دمشق وسمع من الفقيه نصر المقدسي سنة (٤٨١هـ) ، ثمّ غادر إلى بغداد وأقام بالمدرسة النظامية سنين عدّة ، كان يُعدُّ من الشعراء الفحول ، ومن أعظم الشعراء الذين أنجبتهم فلسطين ، تُوفّي ما بين (بَلْخ) و (خراسان) ، ودُفن في بلخ.
يُنظر : وفيات الأعيان : ١ / ٥٧.