تتوفّر لديه المهارة والخبرة ؛ كونه يحتاج إلى قدرة عالية في حصر المادّة وتبويبها وفهرستها وتقديمها بين يدي القارئ بحُلَّة جميلة ، ولذا حاز الكتاب اهتمام الباحثين والمؤلِّفين القدامى والمحدّثين.
إنَّ فكرة تأليف الكتاب ظهرت عندما كان ياقوت حاضراً في (مَرْو) في مجلس للإمام السمعاني سنة (٦١٥هـ) وسُئِل عن كلمة (حُباشة)(١) ـ وهي سوقٌ من أسواق العرب في الجاهلية ، ورد ذكرها في الحديث الشريف ـ فقال : إنَّه حُباشة بـ (ضمّ الحاء) قياساً على أصل هذه اللفظة في اللغة ، لأَنّ الحُباشَةَ : الجماعة من الناس من قبائل شتّى ، فانبرى له رجلٌ من المحدِّثين وقال : إنَّما هو حَباشةُ بـ(الفتح) ، وصمَّم على ذلك وكابر ، وجاهرَ بالعناد من غير حُجّة وناظر ، وقد تعذَّر على ياقوت أن يدعم رأيه بالنقل عن العلماء على الرغم من اكتظاظ مكتبات (مَرْو) بالمراجع ، فأُلقي حينئذ في رُوعه افتقارُ العالم إلى كتاب فيه ذا الشأْن مضبوطاً ، بالتَّقييد مخطوطاً ، متقناً للألفاظ ، ليكون في مثل هذه الظُّلمْة هادياً ، وإلى ضَوءِ الصواب داعياً ، ونبَّه على هذه الفضيلة النبيلة(٢).
__________________
(١) حُباشة : (بضمّ أوّله والشين معجمة) : وهو سوق بـ(تهامة) يبعُد عن مكّة ستّ ليال من جهة اليمن ، كان يتردّد عليه رسول الله (صلى الله عليه وآله) للتجارة بمال خديجة بنت خويلد ـ رضي الله عنها ـ قبل البعثة.
ينظر : أخبار مكّة : ١ / ١٩١ ، معجم ما استعجم : ١ / ٤١٨ ، معجم البلدان : ٢ ٢٤٣ (حباشة).
(٢) ينظر : معجم البلدان : ١/١٠ (المقدِّمة).