ورجحهم زهداً ، وطالهم (طال عليهم) جهاداً ، فحسدوه والناس إلى أشباههم وأشكالهم أميل منهم إلى من بان عنهم (١).
ولعلّه لكتمانه مثله طمع فيه سليمان بن علي العباسي والي البصرة (من ١٣٣ ه إلى ١٣٩ ه) أن يقبل تعليم أبنائه ، وبعث إليه بهدايا يتأ لّفه بها ، فأخرج كِسرة خبزة يابسة وقال للرسول : مادامت هذه عندي فلا حاجة بي إلى سليمان ، ثمّ نظم له شعراً قال فيه :
أبلغ سليمان : أني عنه في سعة |
|
وفي غنىً ، غير أنّي لست ذا مال! |
سخّى بنفسي أنّي لا أرى أحداً |
|
يموت هزلاً ، ولايبقى على حال (٢) |
بل غادر البصرة للتطواف في بوادي نجد والحجاز وتهامة يسمع من أعرابها ، ثمّ عاد فأ لّف أقدم وأقوم قاموس للّغة «كتاب العين» حتّى قيل في «جمهرة اللغة» لابن دُريد : إنّه العين مغيّراً ، وفي «تهذيب» الأزهري : أنّه العين بصياغة أُخرى : وفي «تكملة» الخارزنجي : أنّه منقول العين! وله «كتاب العروض» (٣) وهو واضعه ومبتكره في بلدة العروض بالحجاز اقتباساً من ضرب الصفّارين (٤).
__________________
(١) أمالي الطوسي : ٦٠٧ ـ ٦٠٨ ، الحديث ٤ ، المسألة ٢٨. ومع هذا لم يذكره في من لم يرو ، ولا في الفهرست لروايته خطبة الغدير ، وقد ذكره ابن النديم في فهرسته بتشيّعه : ٤٨ ، كما في قاموس الرجال ٤ : ٢٠٤.
(٢) معجم الأُدباء : ١١ (الخليل).
(٣) قاموس الرجال ٤ : ٢٠٤.
(٤) ميزان الذهب للهاشمي : ١٠ ، وراجع الشيعة وفنون الإسلام للصدر : ١١٦ و ١٣٩ ـ ١٤٠ والأصل تأسيس الشيعة له ، في واضع اللغة والعروض.