المشركون ؟ وإلى أي درجة تضلّون عن طريق الحقّ في شأن القرآن ومحمد ؟ وإلى أيّ حدّ تبعدون عن منهج الصواب حتّى تتولوا ما تقولون ؟
﴿إِنْ﴾ هذا القرآن ، وما ﴿هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ﴾ وعظة ﴿لِلْعالَمِينَ﴾ من الجنّ والإنس أجمعين ، وإنّما نفعه ﴿لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ﴾ يا أهل العالم ﴿أَنْ يَسْتَقِيمَ﴾ بتحرّي الحقّ والملازمة للصواب.
روي أنّ أبا جهل لمّا سمع الآية قال : الأمر إلينا ، إن شئنا استقمنا ، وإن شئنا لم نستقم (١) . فردّه الله تعالى بقوله : ﴿وَما تَشاؤُنَ﴾ الاستقامة ﴿إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ﴾ الذي هو ﴿رَبُّ الْعالَمِينَ﴾ وخالقهم ومدبّر امورهم بالرزق وغيره ممّا يصلحهم وما يليق بهم.
عن الصادق عليهالسلام - في قوله : ﴿وَما هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ﴾ - قال : « وما هو تبارك وتعالى على نبيه صلىاللهعليهوآله بغيبه بضنين عليه » ﴿وَما هُوَ بِقَوْلِ شَيْطانٍ رَجِيمٍ﴾ قال : « يعني الكهنة الذين كانوا في قريش ، فنسب كلامهم إلى كلام الشياطين الذين كانوا معهم يتكلّمون على ألسنتهم فقال : ﴿وَما هُوَ بِقَوْلِ شَيْطانٍ رَجِيمٍ﴾ مثل اولئك ﴿فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ﴾ [ في ] عليّ عليهالسلام ، يعني ولايته أين تفرّون منها ؟ ﴿إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ﴾. قال : لمن أخذ الله ميثاقه على ولايته ﴿لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ﴾ قال : في طاعة عليّ والأئمة عليهمالسلام من بعده ﴿وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ﴾ قال : لأنّ المشيئة إليه تبارك وتعالى لا إلى الناس » (٢) .
وعن الكاظم عليهالسلام : « إنّ الله جعل قلوب الأئمّة موردا لإرادته ، فاذا شاء الله شاءوا ، وهو قوله : ﴿وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ ﴾ » (٣) .
في الحديث : « من سرّه أن ينظر إلى يوم القيامة كأنّه رأي عين ، فليقرأ ﴿إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ﴾ و﴿إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ﴾ و﴿إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ﴾ فإنّ فيها بيان أهواله الهائلة على التفصيل»(٤) .
الحمد لله على التوفيق لإتمام تفسيرها ، والشكر له.
__________________
(١) تفسير روح البيان ١٠ : ٣٥٤.
(٢) تفسير القمي ٢ : ٤٠٨ ، تفسير الصافي ٥ : ٢٩٢.
(٣) تفسير القمي ٢ : ٤٠٩ ، تفسير الصافي ٥ : ٢٩٤.
(٤) تفسير روح البيان ١٠ : ٣٥٥.