وفي رواية : فرفع رسول الله صلىاللهعليهوآله إصبعه ، وأمر القمر بأن ينشقّ نصفين ، فانفلق فلقتين : فلقة ذهبت عن موضع القمر ، وفلقة بقيت في موضعه (١) .
وعن جبير بن مطعم : انشقّ القمر على عهد رسول الله صلىاللهعليهوآله حتى صار فرقتين على هذا الجبل ، فقال ناس : سحرنا محمد. فقال رجل : إن كان سحركم ، فلم يسحر الناس كلّهم (٢) .
وفي رواية ، قال كفّار قريش : سحركم ابن أبي كبشة ، فقال رجل منهم : إن كان محمد سحر القمر بالنسبة إليكم ، فانّه لا يبلغ من سحره أن يسحر جميع أهل الأرض ، فاسألوا من يأتيكم من البلاد ، فسألوا أهل الآفاق فأخبروا كلّهم بذلك (٣) .
وعن ابن مسعود : رأيت حراء بين فلقتي القمر (٤) .
قال بعض العامة : عليه عامة الصحابة وجلّ المفسّرين (٥) .
وعن ( شرح المواقف ) : أنّ خبر انشقاق القمر متواتر (٦) .
في ردّ التشكيك في صحّة شقّ القمر
اقول : كفى في ثبوته اشتهاره بين المسلمين من قديم الدهر ، بحيث كان من المسلّمات ، والتشكيك فيه بأنّه لو كان واقعا لنقله جميع الفرق وأهل التواريخ من سائر الأديان ، لكونه من عظائم الامور ، وتوفّر الدواعي إلى نقله ، ساقط عن الاعتبار ، لوضوح عدم التفات كثير من الناس إلى الأوضاع الفلكية ، كما نرى أنّ كثيرا ما لا يلتفتون إلى كسوف القمر ، كما أنّه يمكن وقوعه في وقت كان أكثر الناس نياما ، أو اختفاؤه (٧) عن قوم دون قوم بسبب الغيم واختلاف الافق ، واقتضاء حكمته تعالى صرف كثير من الناس عن التوجّه إليه ، لتتمّ الحجّة على الحاضرين والمقترحين ، ويقع الاختلاف في غيرهم ، مع اخبار الله به في كتابه ونقل الثقاة إياه.
﴿وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ * وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ وَكُلُّ
أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ * وَلَقَدْ جاءَهُمْ مِنَ الْأَنْباءِ ما فِيهِ مُزْدَجَرٌ * حِكْمَةٌ بالِغَةٌ فَما تُغْنِ
النُّذُرُ * فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلى شَيْءٍ نُكُرٍ * خُشَّعاً أَبْصارُهُمْ
يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ كَأَنَّهُمْ جَرادٌ مُنْتَشِرٌ * مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ
الْكافِرُونَ هذا يَوْمٌ عَسِرٌ (٢) و (٨)﴾
__________________
(١) تفسير روح البيان ٩ : ٢٦٤.
(٢) مجمع البيان ٩ : ٢٨٢ ، تفسير الصافي ٥ : ٩٩.
(٣) تفسير روح البيان ٩ : ٢٦٤.
(٤) تفسير أبي السعود ٨ : ١٦٧ ، تفسير روح البيان ٩ : ٢٦٤.
(٥) تفسير روح البيان ٩ : ٢٦٣.
(٦) تفسير روح البيان ٩ : ٢٦٣.
(٧) في النسخة : واختفاؤه.