عِبادِي) المؤمنين (لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ) تسلط وقوة (وَكَفى بِرَبِّكَ وَكِيلاً) (٦٥) حافظا لهم منك (رَبُّكُمُ الَّذِي يُزْجِي) يجري (لَكُمُ الْفُلْكَ) السفن (فِي الْبَحْرِ لِتَبْتَغُوا) تطلبوا (مِنْ فَضْلِهِ) تعالى بالتجارة (إِنَّهُ كانَ بِكُمْ رَحِيماً) (٦٦) في تسخيرها لكم (وَإِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ) الشدة (فِي الْبَحْرِ) خوف الغرق (ضَلَ) غاب عنكم (مَنْ تَدْعُونَ) تعبدون من الآلهة فلا تدعونه (إِلَّا إِيَّاهُ) تعالى فإنكم تدعونه وحده لأنكم في شدة لا يكشفها إلا هو (فَلَمَّا نَجَّاكُمْ) من الغرق وأوصلكم (إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ) عن التوحيد (وَكانَ الْإِنْسانُ كَفُوراً) (٦٧) جحودا للنعم (أَفَأَمِنْتُمْ
____________________________________
قوله : (إِنَّ عِبادِي) الإضافة للتشريف. قوله : (لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ) أي بل هم محفوظون منك. قوله : (وَكَفى بِرَبِّكَ وَكِيلاً) أي إن الشيطان ، وإن كان قادرا على الوسوسة بأقدار الله ، فالله أرحم بعباده ، فهو يدفع عنهم كيده وشره ، فالمعصوم من عصمه الله ، وليس للعبد قدرة على دفع الوساوس عنه.
ـ فائدة ـ ذكر اليافعي عن الشاذلي ، أن مما يعين على دفع وسوسة الشيطان ، أنك عند وسوسته لك ، تضع يدك اليمنى على جانب صدرك الأيسر بحذاء القلب وتقول : سبحان الملك القدوس والخلاق الفعال سبع مرات ، ثم تقرأ قوله تعالى : (إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ وَما ذلِكَ عَلَى اللهِ بِعَزِيزٍ) اه.
قوله : (رَبُّكُمُ الَّذِي يُزْجِي لَكُمُ الْفُلْكَ فِي الْبَحْرِ) لما أخبر الله سبحانه وتعالى ، بأن الشيطان مسلط على بني آدم ، إلا من عصمه منهم ، وحفظه بين أوصاف الحافظ للخلق من تسلط الشيطان ، كأنه قال : ربكم الحافظ لكم هو الذي يزجي ، والأزجاء الإجراء ، يقال : زجاه وأزجاه بمعنى أجراه ، والفلك السفينة ؛ يستعمل مفردا وجمعا ، ووزن المفرد قفل ، والجمع بدن ، ويذكر باعتبار المركب ، ويؤنث باعتبار السفينة. قوله : (السفن) يشير إلى أن الفلك مستعمل في الجمع. قوله : (فِي الْبَحْرِ) أي عذبا وملحا. قوله : (لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ) أي الوصول إلى المقاصد دنيوية وأخروية فبالسفن يتوصل إلى التجارات والمكاسب وللحج وزيارة الصالحين.
قوله : (إِنَّهُ كانَ بِكُمْ رَحِيماً) تعليل ثان لقوله : (يُزْجِي). قوله : (الشدة) أي من أجل هبوب الريح. قوله : (خوف الغرق) أي من أجل خوفه. قوله : (ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ) أي ذهب عن قلوبكم وخواطركم كل معبود سواه فلا تدعون غير الله لكشفه. قوله : (إِلَّا إِيَّاهُ) يحتمل أن يكون الاستثناء متصلا بحمل قوله من تدعون على جميع المعبودات بحق أو بباطل ويحتمل أن يكون منقطعا بحمله على المعبود بباطل ، وتكون على هذا إلا بمعنى لكن. قوله : (من الغرق) الجار والمجرور متعلق بنجاكم ، وقوله : (إِلَى الْبَرِّ) متعلق بمحذوف قدره المفسر بقوله : (وأوصلكم). قوله : (أَعْرَضْتُمْ) (عن التوحيد) أي تركتموه ، فالكافر يرجع لعبادة الأصنام ، والعاصي يرجع لغفلاته وشهواته ، بعد أن كان الجميع آيبين متوجهين إلى الله خائفين منه. قوله : (وَكانَ الْإِنْسانُ كَفُوراً) كالتعليل لقوله : (أَعْرَضْتُمْ).
قوله : (أَفَأَمِنْتُمْ) الهمزة داخلة على محذوف ، والفاء عاطفة على ذلك المحذوف ، والتقدير أنجوتم