(وَكَأَيِّنْ) كم (مِنْ نَبِيٍّ قاتَلَ) وفي قراءة قاتل والفاعل ضميره (مَعَهُ) خبر مبتدؤه (رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ) جموع كثيرة (فَما وَهَنُوا) جبنوا (لِما أَصابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ) من الجراح وقتل أنبيائهم وأصحابهم (وَما ضَعُفُوا) عن الجهاد (وَمَا اسْتَكانُوا) خضعوا لعدوهم كما فعلتم حين قيل قتل النبي (وَاللهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ) (١٤٦) على البلاء أي يثيبهم (وَما كانَ قَوْلَهُمْ) عند قتل نبيهم مع ثباتهم وصبرهم (إِلَّا أَنْ قالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَإِسْرافَنا) تجاوزنا الحد (فِي أَمْرِنا) إيذانا بأن ما أصابهم لسوء فعلهم وهضما لأنفسهم (وَثَبِّتْ أَقْدامَنا) بالقوة على الجهاد (وَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ) (١٤٧) (فَآتاهُمُ اللهُ ثَوابَ الدُّنْيا) النصر والغنيمة (وَحُسْنَ ثَوابِ الْآخِرَةِ) أي الجنة وحسنه التفضل فوق الاستحقاق (وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) (١٤٨) (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا
____________________________________
انهزم منهم وتحريض على القتال ، وأصل كأين أي الاستفهامية دخلت عليها كاف التشبيه فأكسبتها معنى كم الخبرية فلذا فسرها بها ، كأين مبتدأ ومن نبي ميزها وجملة قتل خبرها ونائب فاعل قتل ضمير يعود على كأين المفسر بقوله من نبي ، وعلى القراءة الثانية يكون الضمير فاعل قاتل ، وقوله : (مَعَهُ رِبِّيُّونَ) مبتدأ وخبر والجملة حالية. واستشكلت القراءة الأولى بأنه لم يرد أن نبيّا قتل في حال الجهاد ، بل متى أمر النبي بالجهاد عصم من القتل ، ومقتضى الآية وقوع ذلك. وأجيب بأن المعنى قتله قومه ظلما في غير حرب ، ولكن الأحسن أن نائب الفاعل قوله : ربيون ، ومعه ظرف متعلق بقتل ، فالقتل واقع للربيين لا للأنبياء ، وهو رد القول الكفار لو كان نبيا ما قتلت أصحابه وهو بينهم ، هذا الإعراب يجري في القراءة الثانية أيضا ، والضمير في أصابهم يعود على الأمم ، ويتفرع على هذين الإعرابين صحة الوقف على قتل أو قاتل على الإعراب الأول دون الثاني. قوله : (والفاعل) أي حقيقة على القراءة الثانية ، أو حكما على القراءة الأولى.
قوله : (رِبِّيُّونَ) هكذا بكسر الراء جمع ربي نسبة للرب على غير قياس ومعناه العالم الرباني ، أو منسوب للربة بالكسر بمعنى الجماعة وعليه مشى المفسر ، وقياس الأول فتح الراء وقد قرأ بها ابن عباس ، وقرىء بضم الراء بمعنى الجماعة الكثيرة أيضا ، والقراءتان شاذتان ، والمعنى لا تحزنوا على ما لكم فكم من نبي قتل والحال أن معه أصحابه فلم يضعفوا إلخ ورد أنه لما نزلت الآية أخذ النبي وأصحابه في التوجه خلف الأعداء فساروا ثمانية أميال صحيحهم وجريحهم وباتت الهزيمة على الكفار. قوله : (فَما وَهَنُوا) هكذا بفتح الهاء وقرىء بسكون الهاء وكسرها. قوله : (وَمَا اسْتَكانُوا) قيل أصله استكنوا زيد في الفتحة فصارت الفا ، وقيل أصله استكونوا نقلت فتحة الواو إلى الساكن قبلها فتحركت الواو وانفتح ما قبلها قلبت الفا.
قوله : (وَما كانَ قَوْلَهُمْ) أي الربيين وهذا بيان محاسن أقوالهم بعد بيان محاسن أفعالهم. قوله : (عند قتل نبيهم) ظاهره حتى في جهاد الكفار وتقدم ما فيه. قوله : (فَآتاهُمُ اللهُ) أي بسبب دعائهم وحسن أفعالهم. قوله : (والغنيمة) إن قلت إنها لم تحل إلا لهذه الأمة المحمدية ، أجيب بأن المراد بالغنيمة ملك أموال الكفار ورقابهم ، ولا يلزم من الملك حل أكلها. قوله : (وحسنه التفضل فوق الإستحقاق) يعني أن ثواب الآخرة هو الجنة وهو حسن ، وأحسن منه الزيادة لهم فوق ما يستحقون. قوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) نزلت في أهل أحد حين تفرقوا ، وصار عبد الله بن سلول