فإنه (١) «تبارك وتعالى» مدح نبيه بأنه يصدق المؤمنين ، وقرنه (٢) بتصديقه تعالى.
وفيه (٣) : أولا : أنه إنما مدحه بأنه أذن ، وهو سريع القطع لا الأخذ بقول الغير تعبدا.
______________________________________________________
وحسن التصديق يلازم حجية الخبر ، والمصدق كل واحد من المؤمنين لا جميعهم بعنوان الاجتماع ، فدلت الآية على حجية كل خبر مؤمن وإن لم يفد العلم ، ولا يمكن حمله على ما إذا أفاد العلم ؛ لأن التصديق في صورة إفادة العلم ليس من جهة تصديق المؤمن من حيث إنه مؤمن حتى يكون مدحا ، وإنما هو من جهة العلم بالواقع ، فلا يكون مدحا ، وظاهر الآية : أنها في مقام المدح ، فيكون تصديق المؤمن بما هو تصديق المؤمن محبوبا ، خصوصا مع اقترانه بتصديقه له «تبارك وتعالى».
ومن المعلوم : أن تصديقه تعالى لازم ، فكذا ما بعده من تصديق المؤمنين ، فدلت الآية المباركة على حجية قول المؤمن.
قال الشيخ ما هذا لفظه : «مدح الله «عزوجل» رسوله بتصديقه للمؤمنين ؛ بل قرنه بالتصديق بالله «جل ذكره» ، فإذا كان التصديق حسنا يكون واجبا ...» الخ. راجع «دروس في الرسائل ، ج ٢ ، ص ٩٠».
(١) هذا تقريب الاستدلال بالآية على حجية خبر الواحد ، وقد عرفت توضيح ذلك.
(٢) أي : وقرن الله تصديق النبي «صلىاللهعليهوآلهوسلم» للمؤمنين بتصديق النبي «صلىاللهعليهوآلهوسلم» له «تبارك وتعالى» ، فكما لا يتصف تصديق النبي «صلىاللهعليهوآلهوسلم» لله تعالى إلا بالحسن ، فكذا تصديق النبي «صلىاللهعليهوآلهوسلم» للمؤمنين ليس إلا حسنا ، ولازم ذلك : أن قول المؤمن لا بد أن يكون معتبرا في نفسه حتى يتصف بالحسن.
(٣) أورد المصنف على الاستدلال بالآية بوجهين ، ذكرهما الشيخ في الرسائل :
أولهما : ما تعرض له الشيخ بقوله : «إن المراد بالأذن سريع التصديق ، والاعتقاد بكل ما يسمع ؛ لا من يعمل تعبدا بما يسمع من دون حصول الاعتقاد بصدقه ، فمدحه بذلك بحسن ظنه بالمؤمنين وعدم اتهامهم».
وملخص هذا الإيراد : أن الاستدلال بالآية مبني على أن يكون المراد من الأذن : استماع القول ثم التصديق والعمل به ، وإن لم يحصل العلم منه ، فيرد عليه : بأن المراد بالأذن : ليس مجرد استماع الكلام ؛ بل المراد به : سرعة الاعتقاد بالخبر ، فمفاده ـ حينئذ ـ أن النبي «صلىاللهعليهوآلهوسلم» كان سريع الاعتقاد ، وكان يحصل له العلم من