.................................................................................................
______________________________________________________
المتكلم في مقام البيان عليه إذا كان ذلك المتيقن منسبقا إلى ذهن المخاطب من اللفظ ؛ بحيث يكون الكلام ظاهرا في كون ذلك البعض متيقّن الإرادة بالنسبة إلى أفراد المطلق ، فهذا التيقّن يمنع عن إحراز إرادة الإطلاق من المطلق ، فلو أراد البعض المتيقّن منه لم يكن التعبير بالمطلق مخلّا بالغرض ، لصحة الاتكال في بيان المتيقّن على تيقّنه بعد أن كانت وظيفته إفهام المخاطب باللفظ ، وكان المتيقن منفهما من اللفظ ، فكأنه صرح بأن مراده هو المتيقن.
وبالجملة : فالتيقّن صالح لأن يكون بيانا لإرادة ذلك المتيقن دون غيره ، فلو أطلق المتكلم الكلام وأراد غير المتيقن ، ولم ينصب قرينة على مراده كان ذلك مخلّا بغرضه.
ولا بأس بذكر مثال للمتيقن عند التخاطب ، وهو : كما إذا فرض أن المعصوم «عليهالسلام» سئل عن حكم وقوع نجاسة في بئر معينة فأجاب «صلوات الله عليه» : بأن «ماء البئر واسع لا يفسده شيء» (١) ، فإن تيقّن تلك البئر من الآبار في الحكم المذكور إنما هو بسبب وقوعها في السؤال ، فالتيقن مستند إلى الكلام لا إلى الخارج.
وكذا إذا كان التيقن مستندا إلى ما يكتنف بالكلام من الخصوصيات ، بحيث لا يخرج سبب التيقّن عن الكلام ، كما إذا قال : «أكرم عالما» ، فإن العالم وإن كان شاملا للمنجم إلّا إن نفس العالم ـ خصوصا بمناسبة وجوب الإكرام ـ ينصرف إلى الفقيه ؛ بحيث يصير هو متيقن الإرادة. هذا كله في القدر المتيقّن في مقام التخاطب.
وأما القدر المتيقن الخارج عن مقام التخاطب : فقد أشار إليه بقوله : «ولو كان المتيقن بملاحظة الخارج عن ذلك المقام».
وحاصل ما أفاده في ذلك : أن التيقّن إذا كان مستندا إلى ما هو خارج عن مقام التخاطب : فوجوده غير مضر بالإطلاق ، فلا يكون عدمه شرطا في الإطلاق ، ضرورة : أن في جميع المطلقات أو جلّها قدرا متيقنا ، فلو بنى على قدحه في الأخذ بالمطلقات لانسد باب التمسك بها.
قوله : «في البين» متعلق بقوله «المتيقن» ، يعني : لو كان المتيقن في البين بملاحظة الخارج عن مقام التخاطب ، بأن لا يكون التيقّن ناشئا عن ظهور اللفظ في الفرد المتيقن ، «فإنه» أي : المتيقن الخارجي «غير مؤثر في رفع الإخلال بالغرض». فقوله : «فإنه» جواب «لو» في قوله : «ولو كان المتيقن ..» إلخ.
__________________
(١) الكافي ؛ ج ٣ ، ص ٥ ، ج ٢ / التهذيب ، ج ١ ، ص ٢٣٤ ، ج ٧.