.................................................................................................
______________________________________________________
فلا مانع حينئذ من استعمال العام في العموم من دون الإرادة الجدّية ، بل لجعل العموم قاعدة يرجع إليها عند الشك ، فيكون الخاص مانعا عن حجية ظهور العام في الخصوص ، لا عن أصل ظهوره في العموم.
٤ ـ الإشكال بأن المراد الاستعمالي هو العموم حتى لا يلزم المجاز مجرد احتمال لا يرتفع به الإجمال ؛ لاحتمال كون المراد الاستعمالي هو الخصوص ، فيصير العام مجملا لتعدد المجاز كما سبق في دليل النافي للحجية.
مدفوع : بأن مجرد احتمال استعمال العام في الخاص لا يوجب إجمال العام ؛ لأن العام ـ لانفصاله عن المخصص ـ قد انعقد له الظهور في العموم ؛ إلا إن هذا الظهور لا يكون حجة لمزاحمته بالخاص الأقوى دلالة منه.
فالمتحصل : أنه لا فرق بين المتصل والمنفصل في عدم لزوم المجاز ، وإنما الفرق بينهما في انعقاد الظهور للعام في العموم في المنفصل دون المتصل.
٥ ـ الجواب عن الاحتجاج المذكور : ـ أعني : تعدد المجاز المستلزم للإجمال ـ بأن تمام الباقي أقرب المجازات ، فلا يلزم من حمل العام عليه الترجيح بلا مرجح ، لأن الأقربية مرجّح ومعيّن لتمام الباقي مدفوع : بأن الأقربية الكمية لا تجدي في ظهور العام في تمام الباقي ، وإنما الموجب للظهور هو الأقربية الأنسية الناشئة في الأذهان من كثرة الاستعمال في تمام الباقي ، وهي غير معلومة ، ومقتضى الأصل : عدم كثرة الاستعمال في تمام الباقي ، فتبقى حجة النافي بحالها.
٦ ـ قد أجاب صاحب التقريرات عن الأقربية بجواب آخر وهو : أن تمام الباقي متعين من بين المجازات ؛ لكن لا لأجل كونه أقرب المجازات ، بل لأجل وجود المقتضي للحمل عليه ، وعدم المانع عنه.
وأما وجود المقتضي : فهو دلالة العام على العموم ، فإن دلالة العام على كل فرد من أفراده ليس منوطا بدلالته على فرد آخر ، فإذا لم يستعمل في العموم ولم يدل على فرد لخروجه عنه بدليل خاص لم يستلزم ذلك عدم دلالته على بقية الأفراد ، فخروج بعض الأفراد عن العام لا يقدح في دلالته على الباقي ، وإن كانت الدلالة على الباقي مجازية.
وجه عدم القدح : أن المجازية لم توجب إلا قصور دلالة العام على أفراد الخاص.
وأما دلالته على الباقي : فهي باقية على حالها ، فيكون العام حجة في تمام الباقي لوجود المقتضي وعدم المانع.