الأمر بها يكون ظاهرا في الإرشاد إلى صحّتها ؛ من دون دلالته على إيجابها أو استحبابها كما لا يخفى.
لكنّه (١) في المعاملات بمعنى العقود والإيقاعات ، لا المعاملات (٢) بالمعنى الأعم
______________________________________________________
وجود مانع بلا دلالة على حكم تكليفيّ. كما أن الأمر بها ظاهر في الإرشاد إلى الصحة بلا دلالة على حكم تكليفي.
أما وجه نفي البعد عن ظهور النهي عن المعاملة في الإرشاد إلى فسادها ـ لا في الحرمة التكليفية الّتي هي ظهوره الأوّلي ـ فلأنّ الغرض الأصلي في المعاملات هو بيان صحتها وفسادها ، ولذا يكون الأمر بها إرشادا إلى صحتها من دون دلالته على وجوبها أو استحبابها ، فلا يدل مثل : (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) إلّا على صحّة العقود لا على وجوبها أو استحبابها ، فالنهي عن المعاملة نظير نهي الطبيب ظاهر في الإرشاد إلى ما يضر المريض ، وأمره ظاهر في الإرشاد إلى ما ينفعه من رفع مرضه وعود صحته. ونظير النواهي الشرعية لإفادة المانعية في العبادات ، كالنهي عن التكتّف ، وقول آمين في الصلاة.
وكيف كان ؛ فالنهي عن المعاملة نظير الأمر الواقع عقيب الحظر ، فكما إن الأمر حينئذ لا يدل على الوجوب ؛ بل على رفع المنع ، فكذلك النهي عنها لا يدل إلّا على رفع الصحة الّتي تقتضيها أدلة الإمضاء مثل : (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ).
(١) أي : لكن نفي البعد عن ظهور النهي في الإرشاد إلى الفساد إنّما يكون في المعاملات بالمعنى الأخص وهي العقود والإيقاعات ، لا بمعناها الأعمّ ، وهو ما لا يعتبر فيه قصد القربة ، لو أمر به كان أمره توصليا كالأمر بتطهير الثوب والبدن ، فإنّ النهي عن المعاملة بالمعنى الأعم يحمل على ما تقتضيه القرينة الخارجية إن كانت ، وإلّا فيحمل على معناه الحقيقي وهو الحرمة ، لكنّها لا تدل على الفساد ؛ لما مرّ من عدم الملازمة بين الحرمة والفساد لا لغة ولا عرفا.
(٢) أي : ليست النواهي في المعاملات التي تقابل العبادات ظاهرة في الإرشاد كما أن الأوامر فيها توصلية ؛ إذ لا يعتبر فيها قصد القربة فإذا لم يكن الظهور للنواهي في الإرشاد فيها ، فلا بدّ من الرجوع إلى القرائن في خصوص المقامات ، فيؤخذ بمفادها إمّا الإرشادية وإمّا المولوية. وعلى تقدير فقدها : فلا محيص عن الأخذ بمقتضى ظاهر صيغة النهي من حرمة المنهي عنه ، وقد عرفت : إنها لا تستلزم للفساد في المعاملات لا لغة ولا عرفا.
فالمتحصل : هو عدم ظهور النهي في المعاملات بالمعنى الأعم في الإرشاد إلى الفساد. وقال المصنف مفرّعا عليه : «فالمعوّل هو : ملاحظة القرائن ...» إلخ. فقوله : «فالمعول» متفرع