أما في المعاملات فظاهر.
وأمّا في العبادات : فهو : أن النزاع هناك فيما إذا تعلق الأمر والنهي بطبيعتين متغايرتين بحسب الحقيقة وإن كان (١) بينهما عموم مطلق ، وهنا فيما إذا اتحدتا (٢) حقيقة ، وتغايرتا بمجرد الإطلاق والتقييد (٣) ؛ بأن تعلق الأمر بالمطلق ، والنهي بالمقيد» انتهى موضع الحاجة ؛ فاسد (٤) ، فإن مجرد تعدد الموضوعات وتغايرها بحسب الذوات ، لا يوجب التمايز بين المسائل ما لم يكن هناك اختلاف الجهات ، ومعه (٥) لا حاجة أصلا إلى تعددها ، بل لا بدّ من عقد مسألتين مع وحدة الموضوع ، وتعدد الجهة المبحوث عنها (٦).
______________________________________________________
(١) هذا إشارة إلى ردّ ما ذكره المحقق القمي «رحمهالله» من : أن الفرق بين المسألتين من حيث إن النسبة بين المأمور به والمنهي عنه في إحداهما عموم من وجه ، وفي الأخرى عموم مطلق ، وقد عرفت توضيح ذلك.
(٢) يعني : فيما إذا اتحدت الطبيعتان حقيقة ؛ بأن توجه النهي بعين ما توجه إليه الأمر.
(٣) وحاصل الكلام في المقام : أن موضوع مسألة الاجتماع تعدد الطبيعة ، وموضوع مسألة النهي في العبادة وحدتها ، فتغاير الموضوع أوجب تعدد المسألة. هذا تمام الكلام في الفرق الذي ذكره صاحب الفصول.
(٤) هذا جواب «أمّا» في قوله : «وأمّا ما أفاده في الفصول من الفرق». والصواب أن تكون كلمة «فاسد» مع الفاء ، لكونه من موارد لزوم اقتران الجواب بالفاء كما لا يخفى.
وكيف كان ؛ فملخص ما أفاده في ردّ الفصول ـ على ما في «منتهى الدراية ، ج ٣ ، ص ١٨» ـ : أن تمايز المسائل إنما هو باختلاف الجهات والأغراض كما تقدم في صدر الكتاب ؛ لا باختلاف الموضوعات ، فمع وحدة الموضوع وتعدد الجهة لا بد من عقد مسألتين ، كما أنه مع تعدد الموضوع ، ووحدة الجهة لا بد من عقد مسألة واحدة.
وعلى هذا ؛ فبما أن جهة البحث في مسألتي الاجتماع والنهي في العبادة واحدة ، وهي صحة العبادة في المكان المغصوب مثلا ، فلا بدّ من عقد مسألة واحدة لهما ؛ لا مسألتين وإن تعددتا موضوعا ، فتعدد البحث عنهما في كلام الأعلام «قدس الله تعالى أسرارهم» كاشف عن عدم كون هذا الفرق فارقا.
(٥) يعني : ومع اختلاف الجهات لا حاجة أصلا إلى تعدد الموضوعات.
(٦) كمسألة الأمر ؛ فإن جهة البحث فيها متعددة ؛ مثل : كون الأمر ظاهرا في الوجوب ، وفي الفور أو التراخي ، وفي المرة أو التكرار وغيرها من الجهات المتعلقة بالأمر ولأجل تعدد الجهات عقدوا لها مسائل عديدة بتعددها وإن كان الموضوع واحدا.