وأما ما ربما قيل (١) : في تصحيح اعتبار قصد الإطاعة في العبادات من الالتزام بأمرين :
______________________________________________________
والمثوبة ؛ بل يدفع إشكال قصد القربة فقط ؛ وذلك لأن الغرض الداعي إلى الأمر بالغايات لما كان بمثابة لا يحصل إلّا بإتيان خصوص الطهارات الثلاث من المقدمات الخارجية بقصد الإطاعة ؛ كإتيان نفس الغايات ، فلا بد في سقوط الأمر بالغايات من إتيان الطهارات على وجه العبادة ، والغرض موجب لعبادية الطهارات ؛ لا أمرها الغيري ، فيندفع إشكال عدم صلاحية الأمر الغيري للمقربية.
وأما إشكال عدم ترتب الثواب على الأمر الغيري : فهو باق على حاله ، هذا بخلاف الوجه الذي أفاده المصنف في التفصّي عن الإشكال ، فإنه دافع له بكلا شقّيه ؛ لكون الأمر النفسي الندبي العبادي المتعلق بالطهارات دافعا للإشكال ، من كلتا الجهتين ؛ أي : من جهة اعتبار قصد القربة ، ومن جهة ترتب المثوبة.
ثم إن الفرق بين هذه الوجوه الثلاثة الدافعة لإشكال قصد القربة ظاهر ؛ إذ الأول : ناظر إلى نشوء العبادية عن الأمر النفسي الندبي العبادي ؛ المتعلق بالطهارات الثلاث ، مع الغض عن أمرها الغيري.
والثاني : ناظر إلى نشوء العبادية عن رجحان الطهارات ذاتا ، وكون الأمر الغيري عنوانا مشيرا إلى ذلك العنوان الراجح.
والثالث : ناظر إلى كون الغرض المترتب على ذي المقدمة مما يتوقف حصوله على إتيان الواجب وبعض مقدماته عبادة ، فالعبادية ناشئة عن ذلك الغرض ، كما في «منتهى الدراية ج ٢ ، ص ٢٧٢».
(١) القائل هو الشيخ في التقريرات (١) ، وهذا هو الوجه الثالث من وجوه تفصّي التقريرات عن إشكال اعتبار قصد القربة في الطهارات الثلاث.
توضيح ذلك يتوقف على مقدمة وهي : أنه قد تقدم في بحث التعبدي والتوصلي أن الفرق بينهما إنما هو باعتبار قصد القربة في التعبدي وعدم اعتباره في التوصلي ، وقد مر عن بعض : تصحيح نية العبادة وقصد القربة فيها بتعدد الأمر ؛ بأن يأمر أولا بذات الصلاة ليتمكن العبد من إتيانها بداعي أمرها ، ثم يأمر بإتيانها بقصد امتثال الأمر الأول ، والتقرب به إلى الله تعالى.
إذا عرفت هذه المقدمة فنقول في توضيح ما قيل في التقريرات : إنه يمكن جريان ما
__________________
(١) راجع : مطارح الأنظار ، ج ١ ، ص ٣٥١.