فتتفق كلمات الفلاسفة على ذلك رغم ان الوجدان لا يقبله. هذا من ناحية ومن ناحية أخرى ان الإرادة بكافة مبادئها من التصور والتصديق بالفائدة والميل وما شاكلها غير اختيارية وتحصل في أفق النّفس قهراً من دون ان تنقاد لها. نعم قد يمكن للإنسان ان يحدث الإرادة والشوق في نفسه إلى إيجاد شيء بالتأمل فيما يترتب عليه من الفوائد والمصالح ، ولكن ننقل الكلام إلى ذلك الشوق المحرك للتأمل فيه ومن الطبيعي ان حصوله للنفس ينتهى بالاخرة إلى ما هو خارج عن اختيارها ، والا لذهب إلى ما لا نهاية له.
وعلى ضوء ذلك ان الإرادة لا بد ان تنتهي اما إلى ذات المريد الّذي هو بذاته وذاتياته وصفاته وأفعاله منته إلى الذات الواجبة وإما إلى الإرادة الأزلية.
وقد صرح بذلك المحقق الأصفهاني (قده) بقوله : «ان كان المراد من انتهاء الفعل إلى إرادة الباري تعالى بملاحظة انتهاء إرادة العبد إلى إرادته تعالى ، لفرض إمكانها المقتضي للانتهاء إلى الواجب ، فهذا غير ضائر بالفاعلية التي هي شأن الممكنات ، فان العبد بذاته وبصفاته وأفعاله لا وجود لها الا بإفاضة الوجود من الباري تعالى ، ويستحيل ان يكون الممكن مفيضاً للوجود».
فالنتيجة على ضوء هاتين الناحيتين هي انه لا مناص من الالتزام بالجبر وعدم السلطنة والاختيار للإنسان على الأفعال الصادرة منه في الخارج.
ولنأخذ بنقد هذه النظرية على ضوء درس نقطتين (الأولى) ان الإرادة لا تعقل أن تكون علة تامة للفعل (الثانية) ان الأفعال الاختيارية بكافة أنواعها مسبوقة باعمال القدرة والسلطنة.
أما النقطة الأولى ـ فلا ريب في ان كل أحد إذا راجع وجدانه وفطرته في صميم ذاته حتى الأشعري يدرك الفرق بين حركة يد المرتعش