العرب ، والوقوف على دقائق اللغة العربية ، مع فهم كامل لأحكام القرآن ،
والوقوف على ناسخه ومنسوخه ، ومحكمه ومتشابهه ... ويزداد هذا الجهد العلمي ضرورة ،
وتتنوع وتتعمق متطلباته وحاجاته أكثر فأكثر ، كلّما ابتعد الشخص عن زمن صدور النص
، وامتد الفاصل الزمني بينه وبين عصر الكتاب والسنة ، بكل ما يحمله هذا الامتداد
من مضاعفات ، كضياع جملة من الأحاديث ، وتغير كثير من أساليب التعبير ، وقرائن
التفهيم ، والملابسات التي تكتنف الكلام ، ودخول شيء كثير من الدس والافتراء في
المجاميع الحديثية ، الأمر الذي يتطلب عناية بالغة في التمحيص والتدقيق في أسانيد
الروايات ، وفي دلالاتها.
يضاف إلى كل
ذلك ، تطور الحياة الذي يفرض عددا كبيرا من الوقائع والحوادث الجديدة التي لم
يعشها النص ، ولم يرد فيها الحكم الخاص ، فلا بد من استنباط حكمها على ضوء القواعد
العامة ، وبطبيعة الحال ، فإن ذلك يتطلب تخصص علمي في فهم تلك المصادر ، واستخراج
الأحكام الشرعية منها .
ومن هنا نشأت
الحاجة إلى الاستدلال على الأحكام الشرعية ، والمعبّر عن هذه العملية «بالاجتهاد»
: وهي عبارة عن الجهد الذي يبذله الفقيه في استخراج الحكم الشرعي من أدلته ومصادره
، وهو مأخوذ من المعنى اللغوي للاجتهاد الذي هو بذل الوسع للقيام بعمل ما.
فكل عملية
لاستنباط الحكم الشرعي تسمى بالاجتهاد ـ سواء كان هذا الاستنباط مستندا إلى ظواهر
النصوص أو لم يكن مستندا ، كما لو مارس الفقيه عملية استنباط للحكم الشرعي عن طريق
تحديد موقف عملي طبقا للاصول المقررة عندهم ، سمي ذلك اجتهادا أيضا ، لما يستنبطه
ذلك بذلا
__________________