وركوب المشقة ، وزاد بالتوفيق لإصابة الحق فكان ثوابه أكثر ، وفضله أتم ،
وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.
وعليك فيما
تعمل من الأحكام التي يؤديك النظر إليها ، وما تفتي به منها ، وما تقضي به بين
الخصوم بالأخذ بالأحزم ، والعمل بالأحوط لتسلم من ورطات شبهات الخلاف مهما أمكنك
السلامة من ارتكابه ، وهو الطريق الأسلم.
فما كان من
شقّي المسألة مجمع عليه ، والآخر مختلف فيه ، فخذ بموضع الوفاق ، واترك الآخر ،
فإنه محل الاحتياط ، فإن لم تجد أحدهما كذلك ، فخذ بالقول الأشهر ، فإنّه أقرب الى
غلبة الظن بالسلامة ، فإن لم تجد ، فأخذ بقول الأكثر ، فإن طريق القوم قليل الخطأ.
وكن شديد
المراعات لهذه الأحوال ، فإنها مدار الاجتهاد ، وطريق أهل الاستدلال ، ومع ذلك فأنت
مع قائد الامارات ، وهادي الدلالات ، فلك العمل برأيك إذا تبين لك بغلبة ظنك صحة
الطريق ، وقوة الأمارات ، فإن الله تعالى بكرمه يفيض على أهل الاستعداد مواضع
التحقيق.
وأصلح سريرتك
غاية الإصلاح ، وداوم على المروة وحافظ عليها ، وأكثر من الدعاء والسؤال من المنان
ان يوصلك إلى مطلوبك ، فإنه حري أن يفيض عليك هذه المطالب ، ويوصلك هذه الموارد ،
ويجمع لك هذه الشوارد بلطفه العظيم ، وفيضه العميم ، لأنّه وعدك وهو لا يخلف
الميعاد.
ولقد نصحتك
غاية النصح ، وبينت لك طريق القوم غاية البيان ، وأزحت عنك جميع العلل ، فاشرب من
الحياض الروية ، وأجلس على موائدهم الهنيئة ، والبس الحلل ، واخلع نعالا أشراكها
رثة ، تجلس على بساط القوم ، وتكون من أهل الهداية ، والسالكين مسلك أهل الولاية.
أسعدك الله
وإيانا على الوصول إلى هذه المطالب ، ووفقنا وإياك لتحصيل هذه الرغائب ، وأسأل منك
الدعاء عقيب صلواتك ، وفي مواضع خلواتك.