أنا ابن فاطمة الزهراء ، أنا ابن سيّدة النساء أنا ابن الطهر البتول ، أنا ابن بضعة الرسول».
ثمّ لم يزل يقول أنا أنا ، حتّى ضجّ الناس بالبكاء والنحيب ، وخشى يزيد أن تكون فتنة (وآن أوان الأذان) فأمر المؤذّن أن يؤذّن ، فرفع المؤذّن صوته وقال : الله أكبر! فقال عليّ بن الحسين : كبّرت كبيرا لا يقاس ولا يدرك بالحواس! لا شيء أكبر من الله! فلمّا قال المؤذّن : أشهد أن لا إله إلّا الله ، قال عليّ : شهد بها شعري وبشري ولحمي ودمي ومخّي وعظمي! فلمّا قال المؤذّن : أشهد أنّ محمّدا رسول الله ، ولم يزل عليّ على المنبر فالتفت إلى يزيد وقال له : يا يزيد (بدون لقب) محمّد هذا جدّي أم جدّك؟! فإن زعمت أنّه جدّك فقد كذبت! وإن قلت : إنّه جدّي ، فلم قتلت عترته؟! وأكمل المؤذّن الأذان والإقامة فتقدّم يزيد وصلّى بهم الظهر (١) وإنّما صلّى معه بعضهم وتفرّق آخرون فلم يصلّوا معه (٢).
ثمّ قام إليه المنهال بن عمرو الطائي الكوفي وكان حاضرا بدمشق الشام فقال له : كيف أمسيت يابن رسول الله؟
فقال له : ويحك كيف أمسيت؟ أمسينا فيكم كهيئة بني إسرائيل في آل فرعون : يذبّحون أبناءهم ويستحيون نساءهم! وقد أمست العرب تفتخر على العجم بأنّ محمّدا منها! وأمست قريش تفتخر على سائر العرب بأن محمّدا منها ، وأمسى آل محمّد مقهورين مخذولين! فإلى الله نشكو كثرة عدوّنا وتظاهر الأعداء علينا وتفرّق ذات بيننا (٣).
__________________
(١) مقتل الحسين عليهالسلام للخوارزمي ٢ : ٦٩ ـ ٧١.
(٢) الكامل البهائي ٢ : ٣٠٢.
(٣) مناقب آل أبي طالب ٤ : ١٨٢. والطبري في ذيل المذيل : ٦٣٠ ، عن الطبقات لابن سعد ٥ : ٢١٨.