في السنة الثامنة ، وفي التاسعة بعد عودته من تبوك نزلت سورة التوبة وفيها آية موارد الصدقات ومنها المؤلفة قلوبهم. فكان الذين يعطيهم رسول الله من الصدقات بهذا العنوان منهم رجال من أشراف العرب يتألّفهم ليسلموا ، ومنهم مسلمون كذلك ولكنهم ضعاف الإيمان فيتألّف بها قلوبهم ، منهم الأقرع بن حابس وعيينة بن حصن (١).
ومرّ فيمن صار مع طلحة الأسدي بنو فزارة بزعيمهم عيينة بن حصن ثم كذّبه وتركه بحزبه ، وأن خالدا ظفر به فأسره وأرسله إلى أبي بكر فكان يقول : ما آمنت بالله قط ، وأسلم فتركه (٢).
ولعله هنا أو بعده استبطأ عطاءه سهمه من الصدقة لتأليفه فجاء بجمعه إلى أبي بكر على عادتهم مع رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فكتب أبو بكر لهم بذلك ، فذهبوا بكتابه إلى عمر ليأخذوا خطّه عليه (!) فمزّقه وقال : لا حاجة لنا بكم ، فقد أعزّ الله الإسلام وأغنى عنكم ، فإن أسلمتم وإلّا فالسيف بيننا وبينكم! فرجعوا إلى أبي بكر فقالوا له : أنت الخليفة أم هو؟ فقال : بل هو إن شاء ، وأمضى ما فعله عمر من منع المؤلّفة قلوبهم من سهمهم (٣).
ولعل عيينة بن حصن والأقرع بن حابس لما احتبس عنهم سهمهم وبعد فترة جاءا إلى أبي بكر وقالا له : إن عندنا أرضا سبخة لا ماء فيها ولا كلأ ، فإن رأيت أن تقطعناها لعل الله ينفعنا بها بعد اليوم نحرثها ونزرعها!
ولم يكن عمر حاضرا ، فسأل أبو بكر من حوله : ما تقولون! قالوا : لا بأس. فكتب لهم بها.
__________________
(١) انظر النصّ والاجتهاد : ٤٣ المورد ٥.
(٢) الطبري ٣ : ٢٦٠.
(٣) انظر النص والاجتهاد : ٤٣ المورد ٥.