وأمّا قوله : (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما) (١) فوجه الكلام فيه الرفع ؛ لأنه غير موقّت فرفع كما يرفع الجزاء ، كقولك : من سرق فاقطعوا يده. وكذلك قوله (وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ) (٢) معناه والله أعلم من (قال الشعر) (٣) اتبعه الغاوون. ولو نصبت قوله (والسارق والسارقة) بالفعل كان صوابا.
وقوله (وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ) (٤) العرب فى (كل) تختار الرفع ، وقع الفعل على راجع الذكر أو لم يقع. وسمعت العرب تقول (وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ) بالرفع وقد رجع ذكره. وأنشدونى (٥) فيما لم يقع الفعل على راجع ذكره :
فقالوا تعرّفها المنازل من منى |
|
وما كلّ من يغشى منى أنا عارف (٦) |
ألفنا ديارا لم تكن من ديارنا |
|
ومن يتألّف بالكرامة يألف |
فلم يقع (عارف) على كلّ ؛ وذلك أن فى (كل) تأويل : وما من أحد يغشى منى أنا عارف ، ولو نصبت لكان صوابا ، وما سمعته إلا رفعا. وقال الآخر :
قد علقت أمّ الخيار تدّعى |
|
علىّ ذنبا كلّه لم أصنع (٧) |
رفعا ، وأنشدنيه بعض بنى أسد نصبا.
__________________
(١) آية ٣٨ سورة المائدة.
(٢) آية ٢٢٤ سورة الشعراء.
(٣) كذا فى ج. وفى ش : «قرأ الشعراء» والشعراء محرفة عن الشعر.
(٤) آية ١٣ سورة الإسراء.
(٥) كذا فى ج. وفى ش : «أنشدنى».
(٦) انظر ص ١٣٩ من هذا الجزء.
(٧) انظر ص ١٤٠ من هذا الجزء.