فإذا قلت : حسست ، بغير ألف فهى فى معنى الإفناء والقتل. من ذلك قول الله عزوجل (إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ) (١) والحسّ أيضا : العطف والرقّة ؛ كقول الكميت :
هل من بكى الدار راج أن تحسّ له |
|
أو يبكى الدار ماء العبرة الخضل (٢) |
وسمعت بعض (٣) العرب يقول : ما رأيت عقيليّا إلا حسست له ، وحسست لغة.
والعرب تقول : من أين حسيت هذا الخبر؟ يريدون : من أين تخبّرته؟ [وربما (٤) قالوا حسيت بالخبر وأحسيت به ، يبدلون من السين ياء] كقول أبى زبيد.
حسين به فهنّ إليه شوس (٥)
وقد تقول العرب ما أحست بهم أحدا ، فيحذفون (٦) السين الأولى ، وكذلك فى وددت ، ومسست وهممت ، قال : أنشدنى بعضهم :
هل ينفعنك اليوم إن همت بهمّ |
|
كثرة ما تأتى وتعقاد الرتم (٧) |
__________________
(١) آية ١٥٢ سورة آل عمران.
(٢) جاء فى اللسان (حسس).
(٣) هو أبو الجراح ، كما فى اللسان.
(٤) زيادة من اللسان.
(٥) هذا عجز بيت صدره :
خلا أن العتاق من المطايا
وهو من أبيات يصف فيها الأسد. وصف ركبا يسيرون والأسد يتبعهم فلم يشعر به إلا المطايا. والشوس واحده أشوس وشوسا ، من الشوس وهو النظر بمؤخر العين تكبرا أو تغيظا.
(٦) أي بعد إلقاء حركتها على الحاء.
(٧) ترى أن الفرّاء روى (همت) بسكون الميم وتاء المخاطبة. وأصله : هممت. والمعروف فى الرواية (همت) بتشديد الميم مفتوحة وتاء التأنيث الساكنة ، والحديث على هذه الرواية عن الزوجة ، وكان الرجل إذا أراد سفرا عقد غصنين ، فإذا عاد من سفره وألفى الغصنين معقودين وثق بامرأته وإلا اعتقد أنها خانته فى غيبته. والرتم جمع رتمة ، وهو خيط يعقد على الإصبع والخاتم للتذكر أو علامة على شىء ، واستعمله فى عقد الغصنين إذ كان علامة على أمر نواه. وانظر اللسان فى رتم. وفيه «توصى» بدل «تأتى».