ثمّ هدّدهم
سبحانه بقوله : ﴿فَكَيْفَ﴾ حالهم ﴿إِذا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلائِكَةُ﴾ الموكّلون بقبض الأرواح ، وقبضوا أرواحهم.
قيل : إنّ
المراد يفعلون في حياتهم ما يفعلون ، فكيف يفعلون إذا قبض روحهم الملائكة . وقيل: يعني هب أنّهم يسرّون كفرهم ، والله لا يظهره
في حياتهم ، فكيف يخفونه إذا قبض أرواحهم ملائكة العذاب حال كونهم ﴿يَضْرِبُونَ﴾ بمقامع الحديد أو النار ﴿وُجُوهَهُمْ﴾ التي أقبلوا بها إلى ما أسخط الله ، وحوّلوها عن الحقّ ﴿وَأَدْبارَهُمْ﴾ وأقفيتهم التي ولّوها عن أهله ، وعمّا فيه رضا ربهم.
﴿ذلِكَ﴾ التوفّي الهائل ، أو الضرب بالمقامع ﴿بِأَنَّهُمُ﴾ لخبث باطنهم ﴿اتَّبَعُوا ما أَسْخَطَ اللهَ﴾ وأغضبه عليهم من الكفر والطغيان والمعاصي ﴿وَكَرِهُوا
رِضْوانَهُ﴾ وما يوجب حبّه لهم ورحمته عليهم من الايمان والطاعة ﴿فَأَحْبَطَ﴾ الله لذلك ﴿أَعْمالَهُمْ﴾ الحسنة ، فلا يفيدهم شيء من نفقاتهم على الفقراء
وإحسانهم إلى الناس ونظائرهما من الخيرات والمبرّات التي فعلوها حال إيمانهم ، أو
حال كفرهم ، ولأنّهم لم يطلبوا بها رضا الله وطاعته ، بل طلبوا رضا الشيطان
والأصنام وموافقة هوى أنفسهم.
عن الباقر عليهالسلام في تأويله قال : « كرهوا عليا عليهالسلام وقد أمر الله بولايته يوم بدر ، ويوم حنين ، وببطن نخلة
، ويوم التروية ، ويوم عرفة ، نزلت فيه خمس عشرة آية في الحجّة التي صدّ فيها رسول
الله صلىاللهعليهوآله عن المسجد الحرام ، وبالجحفة ، وبخم » .
القمي رحمهالله : ﴿ما أَسْخَطَ اللهَ﴾ يعني موالاة فلان وفلان وظالمي أمير المؤمنين عليهالسلام ﴿فَأَحْبَطَ﴾ الله ﴿أَعْمالَهُمْ﴾ يعني التي عملوها من الخيرات .
﴿أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ
مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللهُ أَضْغانَهُمْ * وَلَوْ نَشاءُ
لَأَرَيْناكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيماهُمْ
وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللهُ يَعْلَمُ أَعْمالَكُمْ
* وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ
الْمُجاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَا
أَخْبارَكُمْ (٢٩) و (٣١)﴾
ثمّ بيّن الله
سبحانه بعد تهديد المنافقين والكفّار علّة جرأتهم على ما هم عليه من النفاق بقوله
: ﴿أَمْ حَسِبَ﴾ وبل توهّم المنافقون ﴿الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ﴾ الشكّ وعناد الرسول والعصبية ﴿أَنْ
لَنْ
__________________