وأعرضوا عمّا سواه ﴿لَهُمُ﴾ خاصة ﴿الْبُشْرى﴾ بالثواب والرّضوان من الرسل في الدنيا ، ومن الملائكة عند الموت وحين البعث بالجنة والنعم الدائمة ﴿فَبَشِّرْ﴾ أنت يا رسول الله حسب رسالتك بالهداية إلى كلّ خير وسعادة والفضل والكرامة عندي ﴿عِبادِ﴾ ي المؤمنين ﴿الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ﴾ من أفواه الناس ، فيتفكّرون فيما يستمعون ، لتمييز الحق والباطل ، والصواب والخطأ ﴿فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ﴾ وأصوبه وأحقه ، فاذا سمعوا القول بالتوحيد والقول بالشّرك ، والقول بوجوب إرسال الرسول على الله ونصب الامام عليه والقول بعدمه ، والقول بكون محمد صلىاللهعليهوآله رسول الله وعلي عليهالسلام الامام بعده والقول بانكارهما ، والقول بوجوب جعل الثواب والعقاب على الأعمال ووجوب خلق العالم الآخر لجزاء الأعمال والقول بعدمها ، واختاروا التوحيد ، ووجوب إرسال الرسول ، ونصب الامام ، وكون محمد رسول الله صلىاللهعليهوآله وعلي عليهالسلام هو الامام بعده ، ووجوب جعل الثواب والعقاب على الناس ووجود دار الجزاء لقيام الأدلة القاطعة على كلّ منها ، وظهور كون أساس غيرها على التقليد والهوى والعصبية.
قال بعض العامة : إنّ الآية نزلت في عثمان بن عفان ، وعبد الرحمن بن عوف ، وسعد ، وسعيد ، وطلحة ، والزبير ، حين سألوا أبا بكر ، فأخبرهم بايمانه فآمنوا (١) .
أقول : لا يمكن القول بذلك مع ثبوت مطاعن كثيرة في حقّهم.
ومدحهم بما في ذيل الآية ، عن ابن عباس : أنّ المراد منه الرجل يجلس مع القوم ويسمع الحديث ، وفيه محاسن ومساوئ ، فيحدّث بأحسن ما سمع ، ويترك ما سواه (٢) .
وعن الصادق عليهالسلام : «هو الذي يسمع الحديث فيحدّث به كما سمع لا يزيد ولا ينقص منه»(٣).
وفي رواية : « هم المسلّمون لآل محمد صلىاللهعليهوآله الذين إذا سمعوا الحديث لم يزيدوا فيه ولم ينقصوا منه ، جاءوا به كما سمعوه » (٤) .
ثمّ مدحهم سبحانه بقوله : ﴿أُولئِكَ الَّذِينَ هَداهُمُ اللهُ﴾ إلى الدين الحقّ ، وكلّ خير ﴿وَأُولئِكَ هُمْ﴾ بالخصوص ﴿أُولُوا الْأَلْبابِ﴾ وذوو العقول السليمة عن شوائب الأوهام الفاسدة والأهواء الزائغة.
عن الكاظم عليهالسلام : « أنّ الله بشّر أهل العقل والفهم في كتابه فقال : ﴿فَبَشِّرْ﴾ الآية » (٥) .
﴿أَ فَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذابِ أَ فَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ * لكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا
__________________
(١) تفسير روح البيان ٨ : ٨٩.
(٢) تفسير الرازي ٢٦ : ٢٦٢.
(٣) الكافي ١ : ٤١ / ١ ، تفسير الصافي ٤ : ٣١٨.
(٤) الكافي ١ : ٣٢٢ / ٨ ، تفسير الصافي ٤ : ٣١٨.
(٥) الكافي ١ : ١٠ / ١٢ ، تفسير الصافي ٤ : ٣١٨.