قائمة الکتاب

    إعدادات

    في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
    بسم الله الرحمن الرحيم

    نفحات الرحمن في تفسير القرآن [ ج ٥ ]

    نفحات الرحمن في تفسير القرآن

    نفحات الرحمن في تفسير القرآن [ ج ٥ ]

    تحمیل

    نفحات الرحمن في تفسير القرآن [ ج ٥ ]

    179/662
    *

    وقت من الأوقات ﴿إِذا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً﴾ وأراد شيئا ﴿أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ﴾ والاختيار في قبال قضائهما وإرادتهما بأن يختاروا ﴿مِنْ أَمْرِهِمْ﴾ وفي عملهم ما شاءوا ، بل يجب أن يجعلوا آراءهم واختيارهم تبعا لرأيهما واختيارهما ، ويعلم قضاء الله من قضاء الرسول. وقيل : إنّ المراد قضاء الرسول ، وذكر قضاء الله لتعظيم الرسول (١) . وقيل : إنّ ضمير الجمع الثاني للرسول تعظيما له (٢) .

    ثمّ هدّد من اختار غير مختارهما بقوله : ﴿وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ﴾ في أمر من الامور ، ويختار لنفسه غير ما أختار له ﴿فَقَدْ ضَلَ﴾ وانحرف عن طريق الحقّ والصواب ﴿ضَلالاً﴾ وانحرافا ﴿مُبِيناً﴾ واضحا لا يشكّ فيه العاقل.

    روي أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله خطب زينب بنت جحش بن رباب الأسدي ، بنت عمّته ميمونة بنت عبد المطّلب لمولاه زيد بن حارثة ، وكانت زينب بيضاء جميلة ، وزيد أسود أفطس ، فأبت وقالت : أنا بنت عمّتك يا رسول الله ، وأرفع قريش ، فلا أرضاه لنفسي ، وكذلك أبى أخوها عبد الله بن جحش ، فنزلت (٣) ، فقالت زينب وأخوها : رضينا يا رسول الله ، فأنكحها رسول الله إياه ، وساق إليها مهرها عشرة دنانير ، وستين درهما ، وخمارا ، وملحفة ، ودرعا ، وإزارا ، وخمسين مدّا من طعام ، وثلاثين صاعا من تمر ، وبقيت بالنكاح معه مدّة ، فجاء النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله يوما إلى دار زيد لحاجة ، فوقع نظره إلى زينب ، فأعجبه حسنها فأحبّها ، وقد كان يمتنع عن نكاحها قبل ذلك ، ولا يريدها. فقال عليه‌السلام : « سبحان الله ! يا مقلّب القلوب ثبّت قلبي » وانصرف ، فسمعت زينب التسبيح ، فذكرته لزيد بعد مجيئه ، ففطن زيد أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أحبّها ، فأتى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله تلك الساعة ، فقال : يا رسول الله ، إنّي اريد أن افارق صاحبتي. فقال عليه‌السلام : « مالك أ رأيت منها شيئا ؟ » . قال : لا والله ما رأيت منها إلّا خيرا ، ولكنّها تتعظّم عليّ لشرفها ، وتؤذيني بلسانها (٤) ، فحكى الله منعه منه بقوله : ﴿وَإِذْ تَقُولُ﴾ يا محمد ﴿لِلَّذِي أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِ﴾ بالتوفيق لقبول الاسلام ، والايمان بك ، وأعانه على الرضا بما حكم الله به عليه من مفارقته زوجته ، وتسليمها للرسول ، وتخصيصه من بين الصحابة بذكر اسمه في هذه الآية في القرآن ﴿وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ﴾ بتحريره ، وحسن تربيته ، وتبنيّه وتزويجه من بنت عمّتك ﴿أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ﴾ زينب ولا تطلّقها ﴿وَ ﴿اتَّقِ اللهَ﴾ في طلاقها ، أو في الشكوى من تعظّمها ﴿وَ﴾ أنت ﴿تُخْفِي﴾ حين ردعه عن طلاقها ﴿فِي نَفْسِكَ﴾ من الناس ﴿مَا اللهُ مُبْدِيهِ﴾ ومظهره لهم من عملك بأنّها إحدى أزواجك ، وأن زيدا يطلّقها ، وستكون زوجتك ، وإنّما كان اخفاؤك لأنّك تخاف ﴿وَتَخْشَى النَّاسَ﴾ من أن يلوموك

    __________________

    (١و٢) تفسير البيضاوي ٢ : ٢٤٦ ، تفسير أبي السعود ٧ : ١٠٤ ، تفسير روح البيان ٧ : ١٧٧.

    (٣) تفسير روح البيان ٧ : ١٧٧.

    (٤) تفسير روح البيان ٧ : ١٧٨.