وأمّا بناء على ما ذكره صاحب الضوابط (١) فالموضوع هو واجد المعرفة بالحكم بالاستنباط ، يعني هو الّذي استنبط الحكم فلا مانع من أن يقلّد ذو الملكة قبل الاستنباط ؛ لأنّ الموضوع هو المستنبط بالفعل فيعرّف بتحصيل الحجّة على الحكم الشرعي.
وأمّا موضوع نفوذ الحكم فينبغي فيه الرجوع إلى الأدلّة السمعيّة وهي على ما في المقبولة لابن حنظلة رحمهالله (٢) يكون الموضوع لنفوذ الحكم هو الراوي لحديثهم الناظر في حلالهم وحرامهم العارف لأحكامهم ، فهذا هو الّذي جعله الإمام موضوعا للحكم ، فيلزم أن يكون مستنبطا بالفعل لجملة معتدّ بها من الأحكام بحيث يصدق «يعرف أحكامهم عليهمالسلام» ويلزم أن يكون استنباطه من النظر في الحلال والحرام ورواية الحديث لا من مثل الرمل والجفر وأشباههما ، فهو حينئذ العارف بالأحكام الشرعيّة عن أدلّتها التفصيليّة.
وأمّا موضوع من يجوز تقليده ورجوع العوامّ إليه فهو أن يكون «من الفقهاء صائنا لدينه مخالفا لهواه مطيعا لأمر مولاه» (٣) أو يكون الموضوع أهل الذكر أو المتفقّهون أو العالم على اختلاف الآيات والروايات الّتي يستفاد منها جواز تقليد الغير له.
نعم ، لا بدّ أن يكون من الفقهاء أي العارفين بالفقه بالفعل فلا يكفي حينئذ وجود الملكة في جواز التقليد ، بل يلزم أن يكون عارفا بمقدار يصدق عليه الفقيه والعالم وأنّه من أهل الذكر وغير ذلك ، ويلزم أيضا أن تكون معرفته بالتفقّه وهو طلب الفقه لا بمثل الرمل والجفر وأشباههما ، فالموضوع أيضا هو العارف بالأحكام الشرعيّة عن أدلّتها التفصيليّة.
__________________
(١) انظر ضوابط الاصول : ٣٩٢.
(٢) الوسائل ١٨ : ٩٨ ، الباب ١١ من أبواب صفات القاضي ، الحديث الأوّل.
(٣) انظر الوسائل ١٨ : ٩٤ ، الباب ١٠ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٢٠.