القطع بالحكم الشرعي (١) والظاهر أنّ هذا المعنى من الاجتهاد لا ينكره الأخباريّون ولا يمنعون من جواز رجوع العوام إلى مثل هذا الشخص ، لأنّ العاميّ إن لم يرجع إلى مثل هذا المجتهد يلزمه أن يترك الأعمال. وتسمية مثله راو أو مجتهد لا تضرّ ، إذ لا مشاحّة في الاصطلاح.
(والظاهر أنّ بهذا يظهر أنّ النزاع بين الأخباريّين والاصوليّين لفظي) (٢). ولفظ الاجتهاد لم يقع في رواية أو آية بهذا المعنى موضوعا لحكم من الأحكام الشرعيّة كي يقع الكلام في معناها ، فالاجتهاد له أحكام ، ففي كلّ حكم ننظر ما أخذه الشارع موضوعا لذلك الحكم ، وننظر في معنى ذلك الحكم. وقد اخذ الاجتهاد وموضوعا لأحكام ثلاثة :
الأوّل : أنّ المجتهد لا يجوز له أن يعمل برأي الغير ، بل إمّا أن يعمل برأيه أو يحتاط.
الثاني : نفوذ حكمه وقضائه في حقّ غيره ممّن لم يطّلع على فساد المستند حينئذ.
الثالث : جواز تقليده والرجوع إليه في الأحكام الشرعيّة.
أمّا الموضوع الّذي قد حكم عليه بعدم جواز رجوعه إلى الغير في أحكام دينه فهو بناء على ما ذكره الشيخ الأنصاري قدسسره وادّعى عليه الإجماع (٣) ولم يخالف فيه أحد إلّا بعض السادة المتأخّرين ـ والظاهر أنّ المراد به السيّد إبراهيم صاحب ضوابط الاصول ـ هو واجد الملكة يعني ملكة الاستنباط ، وحينئذ فواجد ملكة الاستنباط وإن لم يستنبط بالفعل لا يجوز له الرجوع إلى الغير في أحكامه ، بل إمّا أن يعمل برأيه أو يعمل بالاحتياط للإجماع المدّعى ولانصراف أدلّة التقليد عن مثله ، فتعريفه حينئذ هو استفراغ الوسع لتحصيل الملكة على استنباط الحكم الشرعي.
__________________
(١) انظر الكفاية : ٥٢٩.
(٢) ما بين القوسين من إضافات الدورة الثانية.
(٣) رسالة التقليد للشيخ الأنصاري : ٣٠.