إثبات للمعلول أو أنّ إثبات أحد المعلولين إثبات للمعلول الآخر أو إثبات لعلّته أم لا؟ (مع أنّ البناء على حجّية الأصل المثبت في مثل ذلك لا يبقى موردا لعدم حجّيته ؛ لأنّ جميع موارده من هذا القبيل ، فافهم) (١).
وأمّا ما ذكره الشيخ الأنصاري قدسسره : من حجّية الأصل المثبت حيث تكون الواسطة خفيّة (٢) فلا يخفى ما فيه ؛ وذلك لأنّ المرجع هو العرف حيث تكون الشبهة مفهوميّة بحيث لا يعلم فيها سعة الموضوع وضيقه ، أمّا حيث لا تكون كذلك كأسماء المقادير والأعداد فلا عبرة بنظر العرف لتسامحهم فيه مع اعترافهم بعدم الصدق حقيقة ، مثلا يتسامحون في إطلاق الألف على التسعمائة والتسعة والتسعين مع اعترافهم بعدم الصدق الحقيقي ؛ ولذا لو أنكر عليهم أحد لا ينكر عليه.
كما أنّ المرجع هو العرف في تعيين الظهور ، سواء كان مستند ذلك الظهور هو الوضع الحقيقي أو القرينة المقاليّة أو الحاليّة ، ومنها مناسبة الحكم والموضوع ، كما في :
رأيت أسدا يرمي أو في الحمام أو غيرها ، فإنّ الظهور حينئذ يكون في المعنى المجازي لهذا اللفظ لا حقيقته بواسطة القرينة.
إذا عرفت هذا فدعوى خفاء الواسطة إن أدّى إلى أنّ العرف لا يرى واسطة ويرى الأثر أثرا لذي الواسطة فحينئذ لا واسطة حتّى يدّعى خفاؤها ، وإن كان العرف يرى واسطة لكنّه لتسامحه في جميع اموره يعدّ الأثر أثرا لذي الواسطة فلا يعتنى بنظر العرف حينئذ ، وسيأتي ذكر مثاله. وحينئذ فلا فرق في عدم حجّيّة الأصل المثبت بين وضوح الواسطة وخفائها أصلا.
نعم ، يكون الأصل المثبت حجّة في مورد يتعبّدنا الشارع بالأصل مع أنّا لا نجد لذلك المورد أثرا شرعيّا إلّا على لازمه العقلي ، فحينئذ نقول بحجّيّة الأصل المثبت
__________________
(١) ما بين القوسين من إضافات بعض الدورات اللاحقة.
(٢) فرائد الاصول ٣ : ٢٤٤.